فالإنصاف أنّه لا قصور في دلالة الرواية ـ كسنده ـ عن إثبات المدّعى ، ولذا لم يلتفت أحد ممّن عثرت على كلامه إلى المناقشة المزبورة ، فالأقوى ما هو المشهور من عدم كفاية الأذان والإقامة المأتيّ بهما بنيّة الانفراد لصلاة الجماعة ، واستحباب إعادتهما.
وما يتراءى من الموثّقة من عدم جواز الاجتزاء ووجوب الإعادة محمول على ما ذكر ؛ جمعا بينها وبين غيرها ممّا دلّ على عدم الوجوب ، كما عرفته في محلّه.
ولو أذّن بنيّة الجماعة فأراد أن يصلّي وحده ، بنى على أذانه ؛ إذ لم يثبت لأذان المنفرد خصوصيّة معتبرة في ذاته زائدة على طبيعة الأذان المأتيّ به بقصد القربة متوقّفة على قصد عنوانه ، كما ثبت ذلك في أذان الجماعة ، ومجرّد احتماله لا يجدي في إثبات بقاء التكليف به ولو بالاستصحاب ؛ لما حقّقناه في نيّة الوضوء من أنّ المرجع عند الشكّ في اعتبار شيء من مثل هذه الأمور في متعلّق التكاليف البراءة ، وأنّ مقتضى الأصل في التكاليف كونها توصّليّة لا يرفع اليد عنه إلّا بالدليل ، وغاية ما ثبت في المقام إنّما هو أن يأتي بالأذان والإقامة لصلاته بقصد التقرّب ، وقد حصلا بهذا القصد ، وأمّا اعتبار أمر وراء ذلك ـ أي كونه أذان المنفرد ـ فمنفيّ بالأصل ، والله العالم.