الفعل وغايته إلّا إذا بقيت تلك الإرادة في النفس بنحو من الإجمال بأن لم يرتدع ولم يذهل عنها بالمرّة حتى يعقل تأثيرها في إيجاد الفعل واتّصافه بكونه منويّا ، فالمعتبر حين الفعل إنّما هو وجود الداعي إليه ، الذي هو أعمّ من الإرادة التفصيليّة والإجماليّة ، ولذا شاع في ألسنة المتأخّرين تفسير النيّة المعتبرة في العبادة بالداعي.
ولكن قد يقال بأنّ هذا خلاف ما يتبادر منها ، وإنّما هي في العرف اسم لخصوص الإرادة التفصيليّة ، ولكن لا يشترط في اتّصاف الفعل بكونه منويّا اقترانه بها ، وإنّما المعتبر بقاء أثرها إلى حين صدور الفعل ، فلا يشترط في نيّة الصلاة المقارنة (و) إنّما (يجب استمرار حكمها إلى آخر الصلاة) كي يصحّ اتّصافها بكون مجموعها اختياريّة (وهو) الجري على حسب ما تقتضيه تلك النيّة ، فحكمها عبارة عن باعثيّتها على الفعل ، كما تقدّمت الإشارة إليه.
وتفسيره بـ (أن لا ينقص النيّة الأولى) لا يخلو عن مسامحة ؛ ضرورة أنّ الأمر العدمي لا يصلح أن يكون تفسيرا لاستمرار حكمها ، فهو من باب تفسير الشيء بلازمه.
هذا ، مع أنّه قد يتخلّف ذلك عن استمرار حكمها ، فإنّه قد لا ينقض النيّة الأولى ولكن يذهل عنها بالمرّة ، أو يصدر منه بعض الأجزاء اضطرارا من غير أن يكون من آثار تلك الإرادة ، فالأولى تفسيره بما ذكرنا.
وأمّا إن قلنا بأنّ النيّة اسم للأعمّ من الإرادة التفصيليّة ومن الأمر الإجمالي الباقي في النفس ، المؤثّر في صدور الفعل شيئا فشيئا ، فلا يختصّ اعتبارها بأوّل