وهل يعتبر في ذلك سماع الإمام كما يظهر من الجواهر (١) ، وربما يومىء إليه بعض عبائر الحدائق (٢)؟ وجهان ، أقواهما : العدم ؛ لاستقرار السيرة على مغايرة المؤذّن والمقيم للإمام ، وعدم تقيّد الإمام كغيره من المأمومين بسماعه ، فربما يشتغل حالهما بالنافلة وغيرها من الأشغال الموجبة لغفلته عن الأذان ، بل قد يكون أطرش بل ربما يؤذّن المؤذّن قبل حضوره.
والحاصل : أنّ السيرة مستقرّة على الاكتفاء في الجماعة بأذان من يؤذّن لها من غير اشتراطه بحضور الإمام أو سماعه.
واحتمال كونها ناشئة من عدم المبالاة ، يدفعه : التدبّر في الآثار ؛ حيث يظهر منها أنّ الأمر كان كذلك من صدر الشريعة.
وكفاك شاهدا على ذلك ما رواه الصدوق بإسناده عن حفص بن سالم أنّه سأل أبا عبد الله عليهالسلام : إذا قال المؤذّن : قد قامت الصلاة أيقوم الناس على أرجلهم أو يجلسون حتّى يجيء إمامهم؟ قال : «لا ، بل يقومون على أرجلهم ، فإن جاء إمامهم ، وإلّا فليؤخذ بيد رجل من القوم فيقدّم» (٣).
وخبر معاوية بن شريح عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث قال : «إذا قال المؤذّن : قد قامت الصلاة ، ينبغي لمن في المسجد أن يقوموا على أرجلهم ويقدّموا بعضهم ، ولا ينتظروا الإمام» قال : قلت : وإن كان الإمام هو المؤذّن؟ قال : «وإن كان فلا ينتظرونه ويقدّموا بعضهم» (٤).
__________________
(١) جواهر الكلام ٩ : ١٣٧.
(٢) راجع : الحدائق الناضرة ٧ : ٤٢٩.
(٣) الفقيه ١ : ٢٥٢ / ١١٣٧ ، الوسائل ، الباب ٤٢ من أبواب صلاة الجماعة ، ح ١.
(٤) التهذيب ٣ : ٤٢ / ١٤٦ ، الوسائل ، الباب ٤٢ من أبواب صلاة الجماعة ، ح ٢.