مسبوقا بالسؤال عن الماهيّة ، المشعر بإرادة ما يعتبر في قوامها لا في كمالها ـ كما في جملة من أخبار الباب ـ فهو في غير مثل القيام الذي علم صحّة الإقامة بدونه في الجملة ، أي في حال الضرورة ؛ إذ الظاهر أنّ جوازه بلا قيام لدى الضرورة من باب قاعدة الميسور ، لا من قبيل تعدّد الموضوع ، كالمسافر والحاضر ، فيشكل في مثل المقام استفادة المساواة بين إهمال الوصف وترك الموصف رأسا ـ كما هو قضيّة اعتباره في أصل الماهيّة ـ من مثل هذه الأخبار ، ولذا لم يفهم المشهور منها إلّا الاستحباب ، فهذا هو الأقوى ، والله العالم.
ويستحبّ أيضا أن يكون المؤذّن قائما (على مرتفع) كما يدلّ عليه رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «كان طول حائط مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله قامة ، فكان يقول لبلال إذا دخل الوقت : يا بلال أعل فوق الجدار وارفع صوتك بالأذان ، فإنّ الله عزوجل قد وكل بالأذان ريحا ترفعه إلى السماء ، وأنّ الملائكة إذا سمعوا الأذان من أهل الأرض قالوا : هذه أصوات أمّة محمّد صلىاللهعليهوآله بتوحيد الله عزوجل ، ويستغفرون لأمّة محمّد صلىاللهعليهوآله حتى يفرغوا من تلك الصلاة» (١).
وليس للمنارة خصوصيّة مقتضية لاختيارها على سائر أفراد المرتفع ، فإنّها ليست من السنّة ، كما يدلّ عليه خبر عليّ بن جعفر ، قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن الأذان في المنارة أسنّة هو؟ فقال : «إنّما كان يؤذّن للنبي صلىاللهعليهوآله في الأرض و
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٠٧ / ٣١ ، التهذيب ٢ : ٥٨ ـ ٥٩ / ٢٠٦ ، المحاسن : ٤٨ / ٦٧ ، الوسائل ، الباب ١٦ من أبواب الأذان والإقامة ، ح ٧.