للإجماع.
ولكنّك خبير بأنّ التعويل على مثل هذا الإجماع على تقدير تحقّقه لا يخلو عن إشكال ؛ إذ الغالب على الظنّ أنّ اختلاف أقوال العلماء في وجوبهما منشؤه اختلاف آرائهم فيما يقتضيه الجمع بين الأخبار ، فيشكل الجزم في مثل المقام بموافقة شيء منها لرأي المعصوم ، ولذا تردّد فيه بعضهم (١) ، بل قوّى في الحدائق التفصيل بينهما ، فالتزم باستحباب الأذان مطلقا ، ووجوب الإقامة على الرجال كذلك (٢).
وكيف كان فالأخبار التي يدّعى ظهورها في وجوب الإقامة على أنحاء.
منها : المستفيضة الدالّة على أنّ الإقامة هي أقلّ المجزئ (٣).
وقد تقدّمت الإشارة آنفا إلى ضعف الاستشهاد بمثل الأخبار للوجوب ، وأنّه ليس في التعبير بـ «تجزئ إقامة واحدة» أو «هي أقلّ المجزئ» أو نحو ذلك دلالة على وجوبها ، بل مفاده عدم الاكتفاء بما دونها في الخروج عن عهدة التكليف المشروع عند التهيّؤ للصلاة من فعل الأذان والإقامة على حسب مشروعيّته وجوبيّا كان أم ندبيّا من غير إشعار في هذه الكلمة بنوع ذلك التكليف ، كما يفصح عن ذلك ـ مضافا إلى وضعه اللغوي ـ التتبّع في موارد استعماله في الأخبار ، فإنّه في المستحبّات ـ نفسيّة كانت أم غيريّة ـ فوق حدّ الإحصاء ، وليس استعماله في تلك الموارد مبنيّا على ارتكاب تجوّز أو تأويل.
__________________
(١) السبزواري في ذخيرة المعاد : ٢٥٢.
(٢) الحدائق الناضرة ٧ : ٣٥٧ و ٣٦٣.
(٣) راجع ص ٢١٤ و ٢١٥.