وأمّا الرواية الأولى ـ وهي خبر أبي بصير ـ فظاهرها وجوب السجود على الثوب لدى التمكّن منه. وحملها على كونها مسوقة لبيان أصل السجود ، وأنّه لا يسقط بسقوط شرطه ، وتخصيص الثوب بالذكر للإرشاد إلى ما يتمكّن معه من السجود غالبا ، لا لكونه بالخصوص ملحوظا في الحكم تأويل بلا مقتض.
وربما يؤيّد ظاهرها من إرادة الخصوصيّة ما في ذيلها من تعليل السجود على ظهر الكفّ بأنّها إحدى المساجد ، فإنّ هذا التعليل وإن لا يخلو عن تشابه إلّا أنّ ظاهره كونه علّة لجواز وقوع السجود على الكفّ ، ومقتضاه كون الخصوصيّة مرعيّة لا ملغاة ، فليتأمّل.
والأحوط بل الأقوى تقديم ما كان من قطن أو كتّان على غيره ؛ لصحيحة منصور بن حازم عن غير واحد من أصحابنا ، قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : إنّا نكون بأرض باردة يكون فيها الثلج أفنسجد عليه؟ قال : «لا ، ولكن اجعل بينك وبينه شيئا قطنا أو كتّانا» (١) فإنّ مقتضى الجمع بينها وبين الأخبار النافية للبأس عن السجود على الثوب تقييد تلك الأخبار بهذه الصحيحة ، ولكن المراد بالصحيحة ليس إلّا شرطيّته مع التمكّن ، لا مطلقا ، فهي لا تقتضي إلّا تقييد المطلقات في هذا الفرض ، فالثوب مطلقا مقدّم على ظهر الكفّ بمقتضى ظاهر خبر أبي بصير (٢) ، ولكن لدى التمكّن من قطن أو كتّان يشترط كونه منهما بمقتضى الصحيحة المزبورة.
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ١٨٧ ، الهامش (١).
(٢) تقدّم خبره في ص ١٩٩.