فلا تجوز إلّا بإذنه.
ولا ينافيه إطلاق الأخبار المتقدّمة (١) الدالّة على عموم مسجديّة الأرض ؛ لأنّ إطلاقها وارد مورد حكم آخر ، أعني جواز الصلاة في الأماكن كلّها من حيث هي ، ولا ينافي ذلك اعتبار رضا مالكها إذا كانت مملوكة للغير.
وما قد يقال من أنّ لكلّ أحد حقّا في أن يصلّي في ملك الغير فهو ممّا لم يثبت ، وإطلاقات أوامر الصلاة ونحوها غير مجدية في إثباته ، وسيأتي لذلك مزيد توضيح إن شاء الله.
(والإذن قد يكون بعوض كأجرة وشبهها).
وقد يناقش في جعل ما يستحقّه بالأجرة من أنحاء ما يستباح بالإذن : بأنّ منافع العين المستأجرة ملك للمستأجر ، فلا ينوط استيفاؤها بإذن المالك بعد حصول الإجارة عن طيب نفسه ، فطيب نفسه بالإجارة ـ التي هي المعاوضة بين المنافع والعوض ـ أثّر في صيرورة المنافع ملكا للمستأجر ، لا في إباحة استيفائها ، فلو أريد بالمملوك ما يعمّ ملك المنفعة لكان أولى ، فليتأمّل.
(و) قد يكون الإذن (بالإباحة. وهي إمّا صريحة ، كقوله : صلّ فيه ، أو بالفحوى ، كإذنه بالكون فيه).
ونوقش (٢) في تسمية هذا النحو من الإذن بالفحوى : بأنّ الفحوى في مصطلحهم مفهوم الموافقة ، كاستفادة حرمة الضرب من قوله تعالى (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ) (٣) إذا قصد الكناية عن أدنى مراتب الأذيّة ، وأمّا في المقام فليس
__________________
(١) في ص ٨ ـ ٩.
(٢) المناقش هو العاملي في مدارك الأحكام ٣ : ٢١٦.
(٣) الإسراء ١٧ : ٢٣.