كما وقع التصريح به في بعض الأخبار المتقدّمة (١).
وأمّا الإقامة فظاهر جميع الأخبار المزبورة ممّا وقع فيها التعرّض للإقامة :اعتبار الطهارة فيها ، كما ذهب إليه جماعة من القدماء والمتأخّرين (٢).
خلافا لما حكي عن المشهور من الاستحباب (٣).
ولم نقف لهم على دليل يعتدّ به ، صالح لصرف هذه الأخبار الكثيرة عن ظاهرها زيادة على الأصل المعلوم عدم معارضته للدليل ، فكأنّ المشهور لم يفهموا من الأخبار المزبورة إلّا إرادة الحكم التكليفيّ لا الوضعيّ ، أي شرطيّة الطهارة أو مانعيّة الحدث ، وحيث إنّ كون الإقامة بلا طهارة حراما ذاتيّا مستبعد في الغاية حملوا أخبارها على كراهة ترك الطهارة ، أو استحباب فعلها.
وفيه : أنّ المنساق إلى الذهن من نحو هذه التكاليف الغيريّة المتعلّقة بكيفيّة العمل إرادة الوضع لا التكليف ، كما هو الشأن في جميع الأوامر والنواهي الواردة في باب الصلاة ونظائرها ، ولا أقلّ من أنّ حملها على الوجوب الشرطي أولى من الحمل على الاستحباب أو كراهة الترك.
ولكن لقائل أن يقول : إنّ دعوى انسباق الشرطيّة إلى الذهن من الأخبار في مقابل المشهور غير مسموعة ؛ لأنّ تخطئة المشهور فيما يتبادر من النّص خطأ ،
__________________
(١) في ص ٢٧١.
(٢) كالصدوق في المقنع : ٩١ ، والسيّد المرتضى في جمل العلم والعمل : ٦٤ ، والمفيد في المقنعة : ٩٨ ، والشيخ الطوسي في النهاية : ٦٦ ، والقاضي ابن البرّاج في المهذّب ١ : ٩١ ، وابن إدريس في السرائر ١ : ٢١١ ، والعلّامة الحلّي في منتهى المطلب ٤ : ٤٠٠ ، الفرع الثاني ، والفاضل الاصبهاني في كشف اللثام ٣ : ٣٦٧ ، والبحراني في الحدائق الناضرة ٧ : ٣٤٠.
(٣) نسبه إلى المشهور البحراني في الحدائق الناضرة ٧ : ٣٤٠.