فما عن المحقّق الثاني من الاستشكال فيه (١) ـ بما محصّله أنّ التحاذي إن كان مانعا من الصحّة ، منع مطلقا ؛ لعدم الدليل على الإبطال بموضع دون موضع ؛ إذ النصّ والفتوى عامّان ، وحينئذ فعلى الحرمة إن كان المكان لأحدهما ، اختصّ به ، ولا يجوز إيثار الآخر به ، وإن كان لهما أو استويا فيه ، أمكن القول بالقرعة فيصلّي من خرج اسمه ويقضي الآخر. انتهى ـ ضعيف.
وهل يختصّ الحكم في أصل المسألة بالمكلّفين ، فلا يعمّ الصبي والصبية ، أم يعمّهما ، أو يفصّل بين ما لو حاذى الصبي امرأة أو الصبية رجلا وبين عكسهما ، أو محاذاة كلّ منهما للآخر ، فلا منع في الأخيرين ، بخلاف الأوّل؟ وجوه أقواها : الأوّل ، بل عن الروض نسبته إلى المشهور (٢) ؛ لأنّ الأخبار الدالة على المنع قد اشتملت على لفظ الرجل والمرأة ، وهما لا يعمّان الصبي والصبيّة.
ودعوى أنّهما لغة ـ على ما يظهر من بعض اللغويين ـ أعم لو سلّمت فهي غير مجدية ؛ ضرورة انصرافهما عرفا إلى البالغين ، فتسرية الحكم إلى غير البالغين قياس.
نعم ، ورد لفظ البنت في بعض الأسئلة الواقعة في الأخبار ، كصحيحتي (٣) الحلبي ومحمّد بن مسلم ، اللتين وقع فيهما السؤال عن الرجل يصلّي في زاوية الحجرة وامرأته أو ابنته تصلّي بحذاه في الزاوية الأخرى.
__________________
(١) جامع المقاصد ٢ : ١٢١ و ١٢٢ ، وحكا عنه صاحب الجواهر فيها ٨ : ٣٢٨.
(٢) روض الجنان ٢ : ٦٠٢ ، وحكاها عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٧ : ١٩٣.
(٣) تقدّم تخريجهما في ص ٥٥ ، الهامش (٢) وص ٥٦ ، الهامش (١).