خلافه ؛ لضعف ظهور هذه الأخبار في حدّ ذاتها في الحرمة ، بل عدم دلالتها عليها ، إلّا بملاحظة ما قد يدّعى من أنّ المنساق إلى الذهن من البأس المفهوم منها عند انتفاء الفصل بمقدار الشبر هو العذاب الذي هو ملزوم للحرمة ، وهو في حدّ ذاته لا يخلو عن تأمّل. وعلى تقدير التسليم فليس ظهوره في ذلك بأقوى من ظهور المطلقات النافية للبأس في الجواز على الإطلاق ، مع اعتضادها بالأخبار المتقدّمة التي ظاهرها الكراهة.
هذا ، مضافا إلى شذوذ القول بالمنع فيما دون الشبر فقط ، بل مخالفته للإجماع ظاهرا ، والله العالم.
وينبغي التنبيه على أمور :
الأوّل : أنّ المتبادر من الأوامر والنواهي المتعلّقة بكيفيّات الأعمال المركّبة من العبادات وغيرها كونها مسوقة لبيان التكليف الغيري الناشئ من الشرطيّة والجزئيّة أو المانعيّة ، كما تقدّمت الإشارة إليه مرارا ، فالنهي عن أن يصلّي الرجل بحذاء المرأة لا يراد منه بحسب الظاهر إلّا بيان مانعيّة المحاذاة عن صحّة صلاته بناء على إرادة الحرمة منه ، وعن كمالها على تقدير الكراهة.
فمن هنا قد يقوى في النظر عدم الفرق في بطلان صلاته على القول بالمنع بين كونه مع العمد والالتفات أو الغفلة والنسيان أو الجهل بالموضوع أو بحكمه.
وكونه معذورا في بعض هذه الأحوال من حيث الحكم التكليفي لا يجدي في تخصيص المانعيّة المستفادة من النواهي المطلقة بغير تلك الحالة ؛ لأنّ هذا إنّما يجدي فيما إذا كانت الشرطيّة أو المانعيّة مسبّبة عن تكليف نفسيّ مستقلّ ، فتختصّ الشرطيّة حينئذ بصورة تنجّز ذلك التكليف ، كشرطيّة إباحة المكان