لا يتخطّى أو قدر عظم الذراع فصاعدا.
والحاصل : أنّ هذا النحو من الاختلاف الذي هو في هذا الصنف من الأخبار ليس على وجه يجعلها من الأخبار المتعارضة.
ولا تصلح موثّقة (١) عمّار ـ الدالّة على المنع إلّا أن يجعل بينه وبينها أكثر من عشرة أذرع ـ لمعارضة هذه الطائفة من الأخبار ؛ لقصورها عن المكافئة سندا ودلالة ، فلا بدّ من حملها على الكراهة.
وكذا صحيحة (٢) زرارة ، الناهية عن أن تصلّي المرأة بحيال الرجل إلّا أن يكون قدّامها ولو بصدره ؛ فإنّ حمل النهي في هذه الصحيحة على الكراهة أولى من ارتكاب التأويل في هذه الأخبار المستفيضة التي قد يأبى بعضها عن التأويل ، كما تقدّمت الإشارة إليه ، مع اعتضادها بالأخبار الدالّة على الجواز مطلقا ، التي قد عرفت كون بعضها كالتصريح في نفي البأس عن المحاذاة الحقيقيّة.
وأمّا تلك الأخبار ـ أي الأخبار المطلقة النافية للبأس ـ فهي أيضا لا تصلح لمعارضة هذه الروايات ؛ فإنّ تقييدها بما إذا كان بينهما شبر أو ذراع من أهون التصرّفات ، حيث إنّ الغالب وجود هذا المقدار من الفصل بين الرجل والمرأة التي تصلّي بحياله ، فلا يبعد كون الإطلاقات جارية مجرى الغالب.
فالإنصاف عدم صلاحيّة شيء من الأخبار لمعارضة هذه الروايات.
فمن هنا قد يقوى في النظر القول المحكيّ عن الجعفي (٣) ، إلّا أن الأقوى
__________________
(١) تقدّم تخريجها في ص ٥٣ ، الهامش (٤).
(٢) تقدّم تخريجها في ص ٥٧ ، الهامش (٢).
(٣) راجع الهامش (٥) من ص ٥٢.