كصحيحة حريز عن أبي عبد الله عليهالسلام في المرأة تصلّي إلى جنب الرجل قريبا منه ، فقال : «إذا كان بينهما موضع رحل فلا بأس» (١).
وصحيحة زرارة ـ المرويّة عن مستطترفات السرائر من كتاب حريز ـ عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : قلت له : المرأة والرجل يصلّي كلّ واحد منهما قبالة صاحبه ، قال : «نعم ، إذا كان بينهما قدر موضع رحل» (٢).
بل الإنصاف أنّ حمل أغلب الأخبار النافية للبأس عنه إذا كان بينهما شبر أو ذراع على المعنى المزبور كحملها على تأخّرها عنه بهذا المقدار لا يخلو عن بعد ، فلا يبعد أن يدّعى أنّ هذا النحو من الاختلاف الواقع في هذه الأخبار على كثرتها وتظافرها مع كونها بأسرها واردة في مسألة خاصّة ـ وهي ما لو صلّى الرجل بحذاء المرأة ـ من أقوى الشواهد على الكراهة.
وإن أبيت عن هذا الحمل ، فالمتعيّن هو الالتزام بمقالة الجعفي بعد حمل ما وقع في كلامه من التحديد بعظم الذراع (٣) على إرادة التحديد التقريبي بحيث لا ينافيه الاكتفاء بالشبر الذي هو أقلّ من عظم الذراع بمقدار غير معتدّ به ؛ لاستفاضة الأخبار النافية للبأس عمّا إذا كان الفصل بينهما بمقدار شبر أو عظم الذراع أو ما لا يتخطّى أو قدر موضع رحل ، ولا منافاة بين هذه الأخبار ؛ لقرب مضامينها وشهادة بعضها بكون التحديد بما زاد على الشبر تقريبيّا حيث وقع في بعضها التحديد بشبر أو ذراع على سبيل الترديد ، وفي بعضها الآخر بقدر ما
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٩٨ / ١ ، الوسائل ، الباب ٥ من أبواب مكان المصلّي ، ح ١١.
(٢) السرائر ٣ : ٥٨٦ ـ ٥٨٧ ، الوسائل ، الباب ٥ من أبواب مكان المصلّي ، ح ١٢.
(٣) راجع الهامش (٥) من ص ٥٢.