يمينك وعن يسارك ومعك ، ولا بأس بذلك ، وإنّما يكره في سائر البلدان» (١) إذ المراد بالكراهة في هذه الرواية ـ على الظاهر ـ معناها المصطلح ، لا لوقوع التعبير بلفظ «يكره» الذي قد لا يأبي عن إرادة الحرمة ، بل لعدم القول بالفصل بين مكة وغيرها بناء على الحرمة ، واستبعاد كون الزحام الحاصل في مكة موجبا لرفع المنع على تقدير كونه تحريميّا.
وممّا يدلّ على الجواز أيضا خبر عيسى بن عبد الله القمّي : سئل الصادق عليهالسلام عن امرأة صلّت مع الرجال وخلفها صفوف وقدّامها صفوف ، قال :«مضت صلاتها ، ولم تفسد على أحد ولا تعيد» (٢).
وربما يستدلّ له أيضا بالأخبار المستفيضة المتقدمة (٣) النافية للبأس إذا كان بينه وبينها ذراع أو شبر أو قدر ما لا يتخطّى ؛ إذ لا يلتزم القائلون بالمنع بكفاية هذا المقدار من الفصل ، فلا بدّ إمّا من طرح هذه الأخبار الكثيرة ، أو الالتزام بكون الحكم على سبيل الكراهة التي لا ينافيها اختلاف التحديدات الواقعة في الأخبار.
ولكنّك عرفت إمكان حمل تلك الأخبار على معنى لا يلزمه اختلاف التحديد في مقدار ما يعتبر من الفصل بحمل أخبار الشبر على ما كان ارتفاعه بمقدار الشبر وإن لم يخل ذلك أيضا عن إشكال ؛ حيث لا يلتزم به القائلون بالمنع ، مع أنّه قد يأبى عن هذا الحمل بعض الأخبار.
__________________
(١) علل الشرائع : ٣٩٧ ـ ٣٩٨ (الباب ١٣٧) ح ٤ ، الوسائل ، الباب ٥ من أبواب مكان المصلّي ، ح ١٠.
(٢) لم نعثر على الخبر في المصادر الحديثيّة ، وأورده الفاضل الاصبهاني في كشف اللثام ٣ : ٢٨٠.
(٣) في ص ٥٥ ـ ٥٧.