المنع عن أن يصلّي الرجل وتصلّي المرأة بحذائه إلا من حيث كونها شاغلة لقلبه أو غير ذلك من الجهات التي لو كانت مقتضية للمنع لكان اقتضاؤها له حين اضطجاعها بين يديه وغمزه لها أشدّ.
والحاصل : أنّه لا ينبغي الالتفات إلى مثل هذه الخدشات في طرح الروايات ، فهذه الصحيحة بملاحظة ما وقع فيها من التعليل كادت تكون صريحة في نفي البأس عن المحاذاة مطلقا ، بل وكذا التقدّم أيضا وإن لم يكن فيها تصريح به.
وأمّا الخبر الثاني : فيحتمل قويّا اتّحاده مع الأولى ، فيؤكّدها وينفي عنها احتمال وجود خلل في متنها وإن كان هذا الاحتمال في حدّ ذاته غير معتنى به. وعلى تقدير كونه رواية مستقلّة فهي أيضا كالنصّ في المدّعى ؛ فإنّه وإن أمكن تقييده بما إذا كان الفصل بينهما بأكثر من عشرة أذرع ؛ جمعا بينه وبين موثّقة (١) عمّار ، لكن ارتكاب هذا النحو من التقييد ـ الذي هو في غاية البعد ، بل لا يبعد دعوى القطع بعدم إرادته من الرواية ـ أبعد من حمل البأس المفهوم من الأخبار المانعة على الكراهة ، فهذا هو المتعيّن في مقام الجمع خصوصا مع وجود الشاهد له ، وهو الصحيحتان المتقدّمتان (٢) اللّتان وقع فيهما التعبير بلفظ «لا ينبغي» الظاهر في الكراهة.
وصحيحة الفضيل ـ المرويّة عن العلل ـ عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «إنّما سميّت مكّة بكّة لأنّه تبكّ فيها الرجال والنساء ، والمرأة تصلّي بين يديك وعن
__________________
(١) تقدّم تخريجها في ص ٥٣ ، الهامش (٤).
(٢) في ص ٥٥ ـ ٥٦.