أطراف الشبهة محصورة ، وأمّا إذا كانت غير محصورة ، فلا يجب الاجتناب عنه إجماعا ، كما عن جماعة (١) نقله ، بل عن بعض دعوى الضرورة عليه (٢).
ولكنّهم اختلفوا في ضابط غير المحصور ، وقد بيّنّا في محلّه أنّ الأشبه بالقواعد تحديد المحصور بما إذا كان أطراف الشبهة أمورا معيّنة مضبوطة بأن يكون الحرام المشتبه مردّدا بين أن يكون هذا أو هذا أو هذا ، وهكذا بحيث يكون إجراء أصالة الحلّ والطهارة في كلّ منها معارضا بجريانها فيما عداه ، وغير المحصور ما لا إحاطة بأطراف الشبهة على وجه يجعل الحرام مردّدا بين هذا وهذا وهذا ، كما لو علم إجمالا بحرمة أموال بعض التجّار الذي في بلده ، ولم يعلم بانحصارهم في من يعلمهم ويبتلي بمعاملتهم ، فيكون حكم الشبهة الغير المحصورة ـ وهو جواز الارتكاب في أطرافها التي أحاط بها وأراد تناولها بناء على هذا التفسير ـ على وفق الأصل السليم عن المعارض ، ولكن جعل المواضع المتّسعة التي علم إجمالا بنجاسة جزء منها من هذا الباب لا يخلو عن خفاء ، إلّا أنّه لا خفاء في عدم كون جميع أجزاء مثل هذه الأراضي على حدّ سواء في كونه صالحا لتنجيز التكليف بالاجتناب عنه على تقدير العلم بنجاسته تفصيلا ؛ لخروج سائر أجزائه ـ التي لا يقع عليها عبوره أو لا يناسبها السجود ـ عن مورد ابتلائه ، فعدم وجوب الاجتناب عن مثل هذه الأراضي منشؤه هذا ، لا كون الشبهة غير محصورة.
__________________
(١) منهم : الكركي في جامع المقاصد ٢ : ١٦٦ ، والشهيد الثاني في روض الجنان ٢ : ٥٩٩ ، والوحيد البهبهاني في الفوائد الحائريّة : ٢٤٧ ، وحكاه عنهم العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٢٥٣ ، والشيخ الأنصاري في فرائد الأصول : ٤٣٠.
(٢) حكاه عنه الشيخ الأنصاري في فرائد الأصول : ٤٣٠.