نعم ، لو كان مفاد الأخبار أنّ الصلاة بدونها غير مجزئة في إسقاط التكليف المتعلّق بالصلاة لا أنّها هي أقلّ ما يجتزأ به في الخروج عن عهدة التكليف المتعلّق بها بنفسها ، لكان ظاهرها اعتبارها جزءا من الصلاة الواجبة.
ولكن هذا المعنى ـ مع كونه في حدّ ذاته خلاف ما يتبادر من تلك الأخبار ـ يجب حمله ـ على تقدير إرادته ـ على إرادة الجزء المستحبّي ، كما ستعرف.
ومنها : ما دلّ بظاهره على وجوبها مع الأذان إمّا مطلقا ، كموثّقة عمّار ، قال :سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : «لا بدّ للمريض أن يؤذّن ويقيم إذا أراد الصلاة ولو في نفسه إن لم يقدر على أن يتكلّم [ به ]» سئل : فإن كان شديد الوجع؟ قال : «لا بدّ من أن يؤذّن ويقيم ، لأنّه لا صلاة إلّا بأذان وإقامة» (١) أو في الجملة ، كقوله عليهالسلام في خبر سماعة ، المتقدّم (٢) : «لا تصلّ الغداة والمغرب إلّا بأذان وإقامة ، ورخّص في سائر الصلوات بالإقامة ، والأذان أفضل».
ولا يخفى عليك أنّ هذا النوع من الأخبار بعد صرفها عن ظاهرها في الأذان لا يبقى لها ظهور في الوجوب بالنسبة إلى الإقامة ، بل ربما يستشعر منها اتّحادهما في الحكم ، خصوصا من مثل الموثّقة التي لا يبعد أن يدّعى ظهورها في ذلك ؛ فإنّها ظاهرة في كون كلّ من الأذان والإقامة ممّا لا بدّ منه لعلّة مشتركة بينهما ، وهي : «أنّه لا صلاة إلّا بأذان وإقامة» وهذه العلّة لا بدّ من حملها على نفي الكمال ؛ لعدم استقامة إرادة نفي الصحّة منها بالنسبة إلى الأذان ، فلو أريد منها ذلك بالنسبة إلى الإقامة ، لزم استعمالها في معنيين ، وإرادة الأعمّ منهما بأن يراد بها نفي الكمال
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٢٨٢ / ١١٢٣ ، الاستبصار ١ : ٣٠٠ / ١١٠٩ ، الوسائل ، الباب ٣٥ من أبواب الأذان والإقامة ، ح ٢ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
(٢) في ص ٢١٦.