هذا إذا كان المكلّف به في حدّ ذاته واجبا كي يمكن إبقاء الطلب المتعلّق بكيفيّته على ظاهره من الوجوب ، وأمّا إن كان مستحبّا ، فلا يعقل أن يكون الطلب المتعلّق بكيفيّته إلزاميّا.
اللهمّ إلّا أن يقصد به تكليفا نفسيّا ، وهو خلاف الظاهر ، فيشكل حينئذ استكشاف كون متعلّقه معتبرا في قوام ذات الشيء أو شرطا لكماله من مجرّد التعبير بلفظ الأمر أو النهي.
مثلا : لو أمر المولى عبده بطبخ طعام أو تركيب معجون لم يعرف العبد أجزاءه وشرائطه ، فسأل مولاه عن ذلك ، فقال له المولى عند إرادة شرح ذلك التكليف : إذهب إلى السوق واشتر كذا وكذا ، وهكذا إلى أن عدّد له عدّة أشياء وأمره بتركيبها وضمّ شيء من الزعفران إليها ، ونهاه أن يضع فيها الملح أو الماء أو غير ذلك ، فشكّ العبد في شيء منها أنّه هل هو شرط للكمال فيجوز الإخلال به ، أم لا؟ وجب عليه التعبّد بظاهر كلامه والالتزام بلزوم الجميع وكونها معتبرة في قوام ذات المطلوب ، وأمّا إذا علم العبد بأنّ التكليف من أصله ندبيّ وأنّه يجوز له مخالفة كلّ من هذه الأوامر والنواهي سواء كان شرطا للصحّة أو للكمال ، فشكّ في أنّ ضمّ الزعفران إليه هل هو من مقوّمات ماهيّته أو موجب لكماله ، أو أنّ وضع الملح هل هو مفسد له بالمرّة فيجعله كالعدم ، أو أنّه يؤثّر فيه منقصة غير قادحة في حصول أصل المقصود؟ أشكل استفادة كونه معتبرا في أصل الماهيّة من ظاهر الأمر والنهي بعد أن علم بعدم كونه واجب الامتثال.
وثانيا : لو سلّمنا ظهور النهي في كون متعلّقه منافيا لأصل الطبيعة من حيث هي من غير فرق بين الواجب والمستحبّ كما ليس بالبعيد خصوصا فيما إذا كان