الرجل.
ولا ينافي ذلك ما تقدّمت الإشارة إليه من أنّ المتبادر من مثل هذه النواهي إرادة الحكم الوضعي ، لا التكليفي الذي يكون للاختيار مدخليّة في تنجّزها ، فإنّ المتبادر من مثل قولنا : «يشترط في صحّة صلاة الرجل أن لا يقف في مكان تحاذيه امرأة تصلّي أيضا» ليس إلّا ما ذكر ، والنهي المزبور ليس إلّا بمنزلة هذا القول ، فليتأمّل.
وممّا يدلّ أيضا على أصل الحكم المزبور ـ أي اختصاص البطلان باللّاحقة دون السابقة ـ صحيحة علي بن جعفر ، المتقدّمة (١) الواردة في امرأة قامت بحيال إمام قوم وصلّت معهم : «لا يفسد ذلك على القوم ، وتعيد المرأة صلاتها» فإنّها صريحة في صحّة صلاة القوم الذين منهم الإمام الذي لا شبهة في سبق صلاته على صلاة المرأة.
ولكن يتمّ الاستشهاد بهذه الصحيحة للمدّعى بناء على أنّه يكفي في البطلان مسمّى الصلاة عرفا وإن كانت فاسدة ولو مع قطع النظر عن المحاذاة كما حكي القول به عن بعض (٢). وإلّا فيمكن الخدشة في الاستدلال بأنّ من الجائز أن يكون الوجه في صحّة صلاة القوم بطلان صلاة المرأة في حدّ ذاتها مع قطع النظر عن المحاذاة ؛ لما تقدّمت الإشارة إليه آنفا عند تضعيف استدلال القائلين بالمنع بهذه الصحيحة من عدم انحصار وجه الإعادة في ذلك ، فعلى هذا التقدير لا يتمّ
__________________
(١) في ص ٥٤.
(٢) الشهيد الثاني في روض الجنان ٢ : ٦٠٣ ، والسبزواري في ذخيرة المعاد : ٢٤٤ ، وحكاه عنهما البحراني في الحدائق الناضرة ٧ : ١٨٦.