أنت الإمام الذي انقاد الأنام له |
|
وملّكته مقاليد النّهى الأمم |
لا شيء أخشى إذا ما كنت لي كنفا |
|
آوي إليه ولا يعروني العدم |
لا زلت بالعزّة القعساء مرتديا |
|
حتى تذلّ إليك العرب والعجم (١) |
فلمّا وقف الحكم على شعرها استحسنه ، وأمر لها بإجراء مرتب ، وكتب إلى عامله على إلبيرة فجهّزها بجهاز حسن.
ويحكى أنها وفدت على ابنه عبد الرحمن بشكية من عامله جابر بن لبيد والي إلبيرة ، وكان الحكم قد وقّع لها بخطّ يده تحرير أملاكها ، وحملها في ذلك على البرّ والإكرام ، فتوسّلت إلى جابر بخطّ الحكم ، فلم يفدها ، فدخلت إلى الإمام عبد الرحمن ، فأقامت بفنائه ، وتلطّفت مع بعض نسائه ، حتى أوصلتها إليه ، وهو في حال طرب وسرور ، فانتسبت إليه (٢) ، فعرفها وعرف أباها ثم أنشدته : [الطويل]
إلى ذي الندى والمجد سارت ركائبي |
|
على شحط تصلى بنار الهواجر (٣) |
ليجبر صدعي إنه خير جابر |
|
ويمنعني من ذي الظلامة جابر |
فإني وأيتامي بقبضة كفّه |
|
كذي ريش اضحى في مخالب كاسر |
جدير لمثلي أن يقال مروعة |
|
لموت أبي العاصي الذي كان ناصري |
سقاه الحيا لو كان حيّا لما اعتدى |
|
عليّ زمان باطش بطش قادر |
أيمحو الذي خطّته يمناه جابر |
|
لقد سام بالأملاك إحدى الكبائر |
ولما فرغت رفعت (٤) إليه خطّ والده ، وحكت جميع أمرها ، فرقّ لها ، وأخذ خطّ أبيه فقبّله ووضعه على عينيه ، وقال : تعدّى ابن لبيد (٥) طوره ، حتى رام (٦) نقض رأي الحكم ، وحسبنا أن نسلك سبيله بعده ، ونحفظ بعد موته عهده ، انصرفي يا حسّانة ، فقد عزلته لك ، ووقّع لها توقيع أبيه الحكم ، فقبّلت يده ، وأمر لها بجائزة ، فانصرفت وبعثت إليه بقصيدة منها : [البسيط]
ابن الهشامين خير الناس مأثرة |
|
وخير منتجع يوما لروّاد |
__________________
(١) العزة القعساء : الثابتة الراسخة.
(٢) في ه : «فانتسب له».
(٣) الشحط : داء يصيب صدر الناقة فينذر بموتها.
وتصلى : تحترق.
(٤) في ه : «دفعت إليه».
(٥) في ه : «تعدى ابن لبيب» محرفا.
(٦) في ب ، ه : «حين رام».