وقد بقيت فينا من الأمس فضلة |
|
من السكر تغرينا بمنتهب الفرص |
ركبنا له صبحا وليلا وبعضنا |
|
أصيلا وكلّ إن شدا جلجل رقص |
وشهب بزاة قد رجمنا بشهبها |
|
طيورا يساغ اللهو إن شكت الغصص (١) |
وعن شفق تغري الصباح أو الدّجى |
|
إذا أوثقت ما قد تحرّك أو قمص (٢) |
وملنا وقد نلنا من الصيد سؤلنا |
|
على قنص اللّذّات والبرد قد قرص |
بخيمة ناطور توسّط عذبها |
|
جحيم به من كان عذّب قد خلص |
أدرنا عليه مثله ذهبيّة |
|
دعته إلى الكبرى فلم يجب الرخص |
فقل لحريص أن يراني مقيّدا |
|
بخدمته : لا يجعل الباز في القفص |
وما كنت إلّا طوع نفسي فهل أرى |
|
مطيعا لمن عن شأو فخري قد نقص (٣) |
فكان من (٤) أصحابه من حفظ هذين البيتين ، ووشى بهما للسيد ، فعزله أسوأ عزل ، ثم بلغه بعد ذلك أنه قال لحفصة الشاعرة : ما تحبّين في ذلك الأسود وأنا أقدر أن أشتري لك من سوق العبيد عشرة خيرا منه؟ وكان لونه مائلا إلى السواد ، فأسرّها في نفسه إلى أن فرّ عبد الرحمن بن عبد الملك بن سعيد إلى ملك شرق الأندلس محمد بن مردنيش ، فوجد له بذلك سببا ، فقتله صبرا بمالقة.
وكان عبد الملك بن سعيد يذكر ابنه أبا جعفر لعبد المؤمن ، وينشده من شعره رغبة في تشريفه بالحضور بين يديه وإنشاده في مجلسه ، فأمره بحضوره ، فعندما دخل عليه قبّل يده وأنشد قصيدة منها قوله : [الوافر]
عليك أحالني داعي النجاح |
|
ونحوك حثّني حادي الفلاح |
وكنت كساهر ليلا طويلا |
|
ترنّح حين بشّر بالصباح |
وذي جهل تغلغل في قفار |
|
شكا ظمأ فدلّ على القراح (٥) |
دعانا نحو وجهك طيب ذكر |
|
ويذكر للرياض شذا الرياح |
__________________
(١) الباز : الصقر. والأشهب من فيه سواد وبياض.
(٢) قمص ـ قمصت الدابة : رفعت يديها معا وطرحتهما معا واعتمدت برجليها على الأرض.
وقمّص : نفر وأعرق قلقا.
(٣) الشأو : الغاية.
(٤) في ب ، ه : «فكان في أصحابه».
(٥) القراح : من الماء أو غيره : الصافي الخالص.