وانصرف ، فلمّا علم (١) أبو جعفر كتب إليه : [السريع]
مولاي ، لم تقصد تعذيب من |
|
يهوى وما قصدك مجهول |
طلبت تخفيفا ببعد وفي |
|
تخفيف من نهواه تثقيل (٢) |
غيرك إن زار جنى ضجرة |
|
ولجّ منه القال والقيل |
وأنت إن زرت حياة وما ال |
|
عيش إذا ما طال مملول (٣) |
وله ، وقد جلس إلى جانبه رجل تكلّم فأنبأ عن علوّ قدر ، فسأله عن بلده ، فقال : إشبيلة ، ففكر ثم قال : [البسيط]
يا سيدا لم أكن من قبل أعرفه |
|
حتى تكلّم مثل الروض بالعبق (٤) |
وزادني أن غدا في حمص منشؤه |
|
لقد تشاكل بين البدر والأفق |
وله ، وقد حضر مجلسا مع إخوان له في انبساط ومزاح ، فدخل عليهم أحد ظرفاء الغرب(٥)بوجه طلق وبشاشة ، فاهتزّ لما سمع بينهم ، وجعل يصل ما يحتاج من مزاحهم إلى صلة بأحسن منزع وأنبل مقصد ، فأنشده أبو جعفر ارتجالا : [السريع]
يا سيّدا قد ضمّه مجلس |
|
حلّ به للمزح إخوان |
لم نلق من فجأته خجلة |
|
ولا ثنانا عنه كتمان |
كأنه من جمعنا واحد |
|
لم ينب منّا عنه إنسان |
ولم نكن ندريه لكن بدا |
|
في وجهه للظّرف عنوان |
وله ، وقد لقي أحد إخوانه ، وكان قد أطال الغيبة عنه ، فدار بينهما ما أوجب أن قال : [الكامل]
إن لحت لم تلمح سواك الأعين |
|
أو غبت لم تذكر سواك الألسن |
أنت الذي ما إن يملّ حضوره |
|
ومغيبه السلوان عنه يؤمن |
وله ، وهو من آياته : [الكامل]
__________________
(١) في ب ، ه : «فلما أعلم أبو جعفر».
(٢) في ب ، ه : «وفي تخفيف من تهواه تثقيل».
(٣) في أصل ه : «وما العيش إذا ما طال ممطول».
(٤) العبق : المطر.
(٥) في ب : «أحد ظرفاء الغرباء» وفي ج : «أحد الظرفاء الغرباء».