من كان بين الندى والبأس أنصله |
|
هنديّة وعطاياه هنيدات |
رماه من حيث لم تستره سابغة |
|
دهر مصيباته نبل مصيبات |
أنكرت إلّا التواءات القيود به |
|
وكيف تنكر في الروضات حيات |
غلطت بين همايين عقدن له |
|
وبينها فإذا الأنواع أشتات |
وقلت هنّ ذؤابات فلم عكست |
|
من رأسه نحو رجليه الذؤابات |
حسبتها من قناه أو أعنّته |
|
إذا بها لثقاف المجد آلات |
دروه ليثا فخافوا منه عادية |
|
عذرتهم ، فلعدو الليث عادات |
لو كان يفرج عنه بعض آونة |
|
قامت بدعوته حتى الجمادات |
بحر محيط عهدناه تجيء له |
|
كنقطة الدارة السبع المحيطات |
لهفي على آل عبّاد فإنّهم |
|
أهلّة مالها في الأفق هالات |
راح الحيا وغدا منهم بمنزلة |
|
كانت لنا بكر فيها وروحات |
أرض كأنّ على أقطارها سرجا |
|
قد أوقدتهنّ بالأدهان أنبات |
وفوق شاطىء واديها رياض ربا |
|
قد ظلّلتها من الأنشام دوحات |
كأنّ واديها سلك بلبّتها |
|
وغاية الحسن أسلاك ولبّات |
نهر شربت بعبريه على صور |
|
كانت لها فيّ قبل الراح سورات (١) |
وربما كنت أسمو للخليج به |
|
وفي الخليج لأهل الراح راحات |
وبالغروسات لا جفّت منابتها |
|
من النعيم غروسات جنيّات |
ولم تزل كبده تتوقّد بالزفرات ، وخلده يتردّد بين النكبات والعثرات ، ونفسه تتقسّم بين الأشجان والحسرات ، إلى أن شفته منيّته ، وجاءته بها أمنيته ، فدفن بأغمات ، وأريح من تلك الأزمات : [الوافر]
وعطّلت المآثر من حلاها |
|
وأفردت المفاخر من علاها |
ورفعت مكارم الأخلاق ، وكسدت نفائس الأعلاق ، وصار أمره عبرة في عصره ، وصاب أندى عبرة في مصره (٢). وبعد أيام وافى أبو بحر بن عبد الصمد شاعره المتّصل به ، المتوصّل إلى المنى بسببه ، فلمّا كان يوم العيد وانتشر الناس ضحى ، وظهر كمل متوار وضحا ، قام على
__________________
(١) في ج : «كانت لها من قبيل الراح سورات» والسّورة : الشدة والحدة.
(٢) صاب : أسال. وأندى عبرة : أي أكثر دمعة. ووقع في ه : وصاب أبدا عبرة في مصره» تحريف.