بالفجع فيه ، ولا يسمع المسلمين الثكلة ، وما دونه فهو ـ وإن أنعش بالتعليل عليله ، ووقع بالجهد خلقه ـ لحم على وضم (١) ، إلا أن يصل الله تعالى وقايته ، ويوالي دفاعه وعصمته ، لا إله إلا هو الولي النضير ، وما زلنا نشكو إلى غير المصمت ، ونمدّ اليد إلى المدبر عن الله المعرض ، ونخطب له زكاة الأموال من المباني الضخمة ، والخزائن الثرّة ، والأهراء الطامية ، والحظ التافه من المفترض برسمه ، فتمضي الأيام لا تزيد الضرائر فيها إلا ضيقا ، ولا الأحوال إلا شدّة ، ولا الثغر إلا ضعة ، ولا نعلم أن نظرا وقع له فكرا أعمل فيه إلا ما كان من تسخير رعيته الضعيفة ، وبلالة مجباه (٢) السخيفة ، في بناء قصر بمنت ميور من جباله : [الخفيف]
شاده مرمزا وجلّله كل |
|
سا فللطّير في ذراه وكور (٣) |
جلب إليه الزليج ، واختلفت فيه الأوضاع في رأس نيق ، لأمل نزوة ، وسوء فكرة ، فلما تم أقطع الهجران ، فهو اليوم ممتنع البوم وحظ الخراب ، فلا حول ولا قوة إلا بالله ، حتى جاء أمر الله خالي الصحيفة من البر ، صفر اليد من العمل الصالح ، نعوذ بالله من ذلك (٤) ، ونسأله الإلهام والسّداد ، والتوفيق والرشاد ، وقد بذلنا جهدنا قولا وفعلا ، وموعظة ونصحا ، واستدعينا لتلك الجهة صدقة المسلمين محمولة على أكتاد (٥) العباد الضعفاء الذين كانت صدقات فاتحيه رضي الله تعالى عنهم ترفدهم ، ونوافلهم (٦) تتعهدهم ، فما حرك ذلك الجؤار (٧) حلوبا ، ولا استدعى مطلوبا ، ولا رفدا مجلوبا ، فإلى متى تنضى ركاب الصبر وقد بلغ الغاية ، واستنفد البلالة ، بعد أن أعاد الله تعالى العهد ، وجبر المال ، وأصلح السعي ، وأجرى ينابيع الخير ، وأنشق رياح الإقالة ، وجملة ما نريد أن نقرره فهو الباب الجامع ، والقصد الشامل ، والداعي والباعث أن صاحب قشتالة لما عاد إلى ملكه ، ورجع إلى قطره ، جرت بيننا وبينه المراسلة التي أسفرت بعدم رضاه عن كدحنا لنصره ، ومظاهرتنا إياه على أمره ، وإن كنا قد بلغنا جهدا ، وأبعدنا وسعا ، وأجلت عن شروط ثقيلة لم نقبلها ، وأغراض صعبة لم نكملها ، ونحن نتحقق
__________________
(١) الوضم : الخشبة التي يستعملها القصاب ويقطع عليها اللحم.
(٢) في أصل ه «وبلالة محياه السخيفة».
(٣) البيت لعدي بن زيد العبادي.
(٤) في ب «نعوذ بالله من نكيره».
(٥) الأكتاد : جمع كتد وهو مجتمع الكتفين من الإنسان أو الفرس.
(٦) في ب «ونوافله تتعدهم».
(٧) الجؤار : رفع الصوت بالدعاء.