عصمه الله تعالى ميدان هياج ، ومتبوّأ أعلاج (١) ، ومظنة اختلاف للظنون (٢) الموحشة واختلاج ، فحضر لدينا محتمله (٣) وزيركم الشيخ الأجل الأعظم الموقر الأسمى الخاصة الأحظى أبو علي ابن الشيخ الوزير الأجل الحافل الفاضل المجاهد (٤) الكامل أبي عبد الله بن محلى والشيخ الفقيه الأستاذ الأعرف الفاضل الكامل أبو عبد الله ابن الشيخ الفقيه الأجل العارف الفاضل الصالح المبارك المبرور المرحوم أبي عبد الله القشتالي (٥) ، وصل الله سبحانه سعادتهما ، وحرس مجادتهما ، حالين من مراتب ترفيعنا أعلى محل الإعزاز ، وواردين على أحلى القبول الذي لا تشاب (٦) حقيقته بالمجاز ، عملا بما يجب علينا لمن يصل إلينا من تلك الأنحاء الكريمة والأحواز ، فتلقينا ما اشتملت عليه الإحالة السلطانية من الود الذي كرم مفهوما ونصا ، والبر الذي ذهب من مذاهب الفضل والكمال الأمد الأقصى ، وقد كان سبقهما صنع الله جلّ جلاله بما أخلف الظنون ، وشرح الصدور وأقر العيون ، فلم يصلا إلينا إلا وقد أهلك الله تعالى الطاغية ، ومزق أحزابه الباغية ، نعمة منه سبحانه وتعالى ومنه ملأت الصدور انشراحا ، وعمت الأرجاء أفراحا ، وعنوانا على سعد مقامك الذي راق غررا في المكرمات وأوضاحا ، ومد يده إلى سهام المواهب الإلهية فحاز أعلاها قداحا ، فتشوّفت (٧) نفوس المسلمين إلى ما كانت تؤمله من فضل الله تعالى وترجوه ، وبدت في القضية التي أشرتم بأعمالها الوجوه ، وانبعثت الآمال إلى (٨) ما آلت إليه هذه الحال انبعاثا ، والتاثت أمور العدو قصمه الله تعالى التياثا (٩) ، وانتقض غزله من بعد قوّته بفضل الله تعالى أنكاثا (١٠) ، واحتملت المسألة التي تفضلتم بعرضها وأشرتم إلى فرضها مأخذا وأبحاثا ، فألقينا في هذه الحال إلى رسوليكم أعزهما الله تعالى ما يلقيانه إلى مقامكم الأعلى ، ومثابتكم الفضلى ، وما يتزيد عندنا من الأمور فركائب التعريف بها إليكم محثوثة ، وحزئياتها بين يدي مقامكم الرفيع مبثوثة ، وقد اضطربت أحوال الكفر وفالت
__________________
(١) الأعلاج : جمع علج ، وهو الرجل الضخم من الكفار ، وأطلقت على الكافر مطلقا.
(٢) في ب ، ه «وفطنة اختلاف الظنون».
(٣) في ه «متحملة».
(٤) في ه «الماجد».
(٥) في ب «الغشتالي».
(٦) تشاب : تخلط.
(٧) تشوّفت : تطلعت.
(٨) في ب ، ه «بما آلت».
(٩) التاثت أموره : اختلطت والتبست.
(١٠) نكث الكساء والثياب : نقضها. وفي القرآن الكريم (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً).