فاسأل بلنسية ما شأن مرسية |
|
وأين شاطبة أم أين جيّان |
وأين قرطبة دار العلوم ، فكم |
|
من عالم قد سما فيها له شان |
وأين حمص وما تحويه من نزه |
|
ونهرها العذب فيّاض وملآن (١) |
قواعد كنّ أركان البلاد فما |
|
عسى البقاء إذا لم تبق أركان |
تبكي الحنيفية البيضاء من أسف |
|
كما بكى لفراق الإلف هيمان (٢) |
على ديار من الإسلام خالية |
|
قد أقفرت ولها بالكفر عمران |
حيث المساجد قد صارت كنائس ما |
|
فيهن إلا نواقيس وصلبان |
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة |
|
حتى المنابر ترثي وهي عيدان |
يا غافلا وله في الدهر موعظة |
|
إن كنت في سنة فالدهر يقظان |
وماشيا مرحا يلهيه موطنه |
|
أبعد حمص تغر المرء أوطان |
تلك المصيبة أنست ما تقدمها |
|
وما لها مع طول الدهر نسيان |
يا راكبين عتاق الخيل ضامرة |
|
كأنها في مجال السبق عقبان |
وحاملين سيوف الهند مرهفة |
|
كأنها في ظلام النقع نيران |
وراتعين وراء البحر في دعة |
|
لهم بأوطانهم عز وسلطان |
أعندكم نبأ من أهل أندلس |
|
فقد سرى بحديث القوم ركبان |
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم |
|
قتلى وأسرى فما يهتز إنسان |
ما ذا التقاطع في الإسلام بينكم |
|
وأنتم يا عباد الله إخوان |
ألا نفوس أبيّات لها همم |
|
أما على الخير أنصار وأعوان |
يا من لذلة قوم بعد عزهم |
|
أحال حالهم كفر وطغيان |
بالأمس كانوا ملوكا في منازلهم |
|
واليوم هم في بلاد الكفر عبدان (٣) |
فلو تراهم حيارى لا دليل لهم |
|
عليهم من ثياب الذل ألوان |
ولو رأيت بكاهم عند بيعهم |
|
لهالك الأمر واستهوتك أحزان |
يا رب أم وطفل حيل بينهما |
|
كما تفرّق أرواح وأبدان |
__________________
(١) حمص : اسم إشبيلية ، سميت بذلك لأن الفاتحين من أهل حمص الشام نزلوها.
(٢) الحنيفية البيضاء : الإسلام.
(٣) عبدان : عبيد.