والكراء ، وأن لا يؤخذ أحد بذنب غيره ، وأن لا يقهر من أسلم على الرجوع للنصارى (١) ودينهم ، وأن من تنصر (٢) من المسلمين يوقف أياما حتى يظهر حاله ويحضر له حاكم من المسلمين وآخر من النصارى ، فإن أبى الرجوع إلى الإسلام تمادى على ما أراد ، ولا يعاتب على من قتل نصرانيا أيام الحرب ، ولا يؤخذ منه ما سلب من النصارى أيام العداوة ، ولا يكلف المسلم بضيافة أجناد النصارى ، ولا بسفر (٣) لجهة من الجهات ، ولا يزيدون على المغارم المعتادة ، وترفع عنهم جميع المظالم والمغارم المحدثة ، ولا يطلع نصراني للسور ، ولا يتطلع (٤) على دور المسلمين ، ولا يدخل مسجدا من مساجدهم ، ويسير المسلم في بلاد النصارى آمنا في نفسه وماله ، ولا يجعل علامة كما يجعل اليهود وأهل الدجن ، ولا يمنع مؤذن ولا مصلّ ولا صائم ولا غيره من أمور دينه ، ومن ضحك منهم (٥) يعاقب ، ويتركون من المغارم سنين معلومة ، وأن يوافق على كل الشروط صاحب رومة ويضع خط يده ، وأمثال هذا مما تركنا ذكره.
وبعد انبرام ذلك ودخول النصارى للحمراء والمدينة جعلوا قائدا بالحمراء وحكاما مقدّمين بالبلد ، ولما علم ذلك أهل البشرات دخلوا في هذا الصلح ، وشملهم حكمه على هذه الشروط ، ثم أمر العدو الكافر ببناء ما يحتاج إليه في الحمراء وتحصينها ، وتجديد بناء قصورها وإصلاح سورها ، وصار الطاغية يختلف إلى الحمراء نهارا ويبيت بمحلته ليلا إلى أن اطمأن من خوف الغدر ، فدخل المدينة ، وتطوّف بها ، وأحاط خبرا بما يرومه ، ثم أمر سلطان المسلمين أن ينتقل لسكنى البشرات وأنها تكون له في سكناه بأندرش (٦) ، فانصرف إليها وأخرج الأجناد منها ، ثم احتال في ارتحاله لبر العدوة ، وأظهر أن ذلك طلبه منه المذكور ، فكتب لصاحب المرية أنه ساعة وصول كتابي هذا لا سبيل لأحد أن يمنع مولاي أبا عبد الله من السفر حيث أراد من بر العدوة ، ومن وقف على هذا الكتاب فليصرفه ويقف معه وفاء بما عهد له ، فانصرف في الحين بنص هذا الكتاب ، وركب البحر ، ونزل بمليلة ، واستوطن فاسا ، وكان قبل طلب الجواز لناحية مراكش ، فلم يسعف بذلك وحين جوازه لبر العدوة لقي شدة وغلاء وبلاء (٧).
__________________
(١) في أصل ه «الرجوع إلى النصارى».
(٢) تنصر : دخل في دين النصرانية.
(٣) في ب «ولا يسفر».
(٤) ولا يتطلع : ولا ينظر.
(٥) في ب «ومن ضحك منه يعاقب».
(٦) في ب «وأنها تكون له وسكناه بأندرش».
(٧) في ب «لقي شدة وغلاء ووباء».