صحيحة جميل على ان الترخيص مختص بحال الضرورة ، إذ ليس في الخبر ما يدل على عموم الترخيص. والمسألة عندي محل اشكال. انتهى.
أقول : لا يخفى ان هذا الفاضل قد ارتكب بما تفرد به من هذا القول شططا ، وازداد في جميع الأحكام غلطا ، وقد بينا في ما سبق ان في ارتكاب هذا القول خروجا عن الدين من حيث لا يشعر قائله ، فإنه متى كانت الأوامر الواردة في الاخبار وما في معناها لا تدل على الوجوب والنواهي وما في معناها لا تدل على التحريم ، فاللازم من ذلك اباحة المحرمات وسقوط الواجبات في جميع أبواب الفقه من عبادات ومعاملات ، إذ لا محرم ولا واجب بالكلية ، وبذلك يلزم العبث في بعثة الأنبياء والرسل وسقوط التكليف ، وهو كفر محض. نعوذ بالله من زلل الاقدام وزيغ الافهام.
والعجب من قوله هنا : «والمسألة عندي محل اشكال» بل مسائل الفقه كلها عنده محل اشكال ، بناء على هذه القاعدة الخارجة عن جادة الاعتدال. وأعجب من ذلك انه كثيرا ما يتستر في الحكم بالاخبار ـ بناء على هذه القاعدة ـ باتفاق الأصحاب أو اشتهار الحكم بينهم ، فكيف خرج عنه؟ مع ان هذه الروايات التي استند إليها لا تبلغ قوة في معارضة ما قدمناه سندا ولا عددا ولا دلالة ، والجمع إنما هو فرع وقوع التعارض بناء على قواعدهم.
ثم انه مع الإغماض عن جميع ما ذكرناه لو فرضنا وجود روايات صريحة في الدلالة على الجواز لكان الواجب حملها على التقية ، كما هي القاعدة المنصوصة عن أصحاب العصمة (صلوات الله عليهم). إلا ان الظاهر من العمل بقاعدته المذكورة هو اطراح تلك النصوص الواردة بطرق الترجيح كملا ، من العرض على الكتاب ، أو على مذهب