الثاني ـ التلبيات الأربع ، فلا ينعقد الإحرام لمتمتع ولا لمفرد إلا بها. وهو من ما وقع الإجماع عليه نصا وفتوى.
وتحقيق الكلام في هذا المقام يتوقف على رسم مسائل :
الأولى ـ اختلف الأصحاب في اشتراط مقارنة التلبية للنية ، فقال ابن إدريس باشتراط مقارنتها لها كمقارنة التحريمة لنية الصلاة. واليه ذهب الشهيد في اللمعة. ونقل في المسالك عن الشيخ علي انه تبعهما على ذلك. وقال في الدروس : الثالث ـ مقارنة النية للتلبيات ، فلو تقدمن عليها أو تأخرن لم ينعقد. ويظهر من الرواية والفتوى جواز تأخير التلبية عنها.
وقال العلامة في المنتهى : ويستحب لمن حج على طريق المدينة ان يرفع صوته بالتلبية إذا علت راحلته البيداء ان كان راكبا ، وان كان ماشيا فحيث يحرم. وان كان على غير طريق المدينة لبى من موضعه ان شاء ، وان مشى خطوات ثم لبى كان أفضل. ثم ساق جملة من الروايات الدالة على تأخير التلبية إلى البيداء في الإحرام من مسجد الشجرة ، وقال بعدها : إذا ثبت هذا فان المراد بذلك ان الإجهار بالتلبية مستحب من البيداء ، وبينها وبين ذي الحليفة ميل ، وهذا يكون بعد التلبية سرا في الميقات الذي هو ذو الحليفة ، لأن الإحرام لا ينعقد إلا بالتلبية. ولا يجاوز الميقات إلا محرما.
أقول : ظاهره حمل الروايات الدالة على تأخير التلبية إلى البيداء على تأخير الجهر بها ، فيجب عليه الإتيان بها سرا في الميقات بعد عقد نية الإحرام. وهو ظاهر الصدوق في الفقيه (١) حيث أوجب التلبية
__________________
(١) ج ٢ ص ٣١٣ و ٣١٤.