الرابعة ـ قال في المنتهى : إذا نبت الشعر في عينه أو نزل شعر حاجبه فغطى عينه جاز له قطع النابت في عينه وقص المسترسل. والوجه انه لا فدية عليه ، لانه لو تركه لا ضر بعينه ومنعه من الأبصار ، كما لو صال الصيد عليه فقتله ، فإنه لا فدية عليه.
ثم قال (قدسسره) : لو كان له عذر من مرض أو وقع في رأسه قمل أو غير ذلك من أنواع الأذى جاز له الحلق إجماعا ، للآية (١) والأحاديث السابقة. ثم ينظر ، فان كان الضرر اللاحق به من نفس الشعر فلا فدية عليه ، كما لو نبت في عينه أو نزل شعر حاجبه بحيث يمنعه من الأبصار ، لأن الشعر أضر به فكان له ازالة ضرره ، كالصيد إذا صال عليه ، وان كان الأذى من غير الشعر لكن لا يتمكن من إزالة الأذى إلا بحلق الشعر ـ كالقمل ، والقروح برأسه ، والصداع من الحر بكثرة الشعر ـ وجبت الفدية ، لأنه قطع الشعر لازالة الضرر عنه ، فصار كما لو أكل الصيد للمخمصة. (لا يقال) : القمل من ضرر الشعر ، والحر سببه كثرة الشعر ، فكان الضرر منه أيضا (لأنا نقول) : ليس القمل من الشعر وانما لا يمكنه المقام إلا بالرأس ذي الشعر ، فهو محل لا سبب. وكذلك الحر من الزمان ، لان الشعر يوجد في البرد ولا يتأذى به. فقد ظهر ان الأذى في هذين النوعين ليسا من الشعر. انتهى.
واعترضه في المدارك بعد نقل الكلام الأخير بأنه غير واضح ، قال : والمتجه لزوم الفدية إذا كانت الإزالة بسبب المرض ، أو الأذى الحاصل في الرأس مطلقا ، لإطلاق الآية الشريفة (٢) دون ما عدا ذلك ، لان الضرورة مسوغة لإزالته ، والفدية منتفية بالأصل.
__________________
(١ و ٢) سورة البقرة ، الآية ١٩٦.