.........................................
____________________________________
(وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ) (١) وفي قوله : (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ) (٢) وفي قوله : (مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ) (٣) وأوحى الله إلى نبيّه صلى الله عليه وآله أن لا يبقي في غيبه وسرّه ومكنون علمه شيئاً إلاّ يناجي به عليّاً ، فأمره أن يؤلّف القرآن من بعده ويتولّى غسله وتكفينه وتحنيطه من دون قومه ، وقال لأصحابه : حرام على أصحابي وأهلي أن ينظروا إلى عورتي غير أخي علي ، فإنّه منّي وأنا منه ، له ما لي وعليه ما عليّ ، وهو قاضي دَيني ومنجز وعدي. ثمّ قال لأصحابه : علي بن أبي طالب يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ، ولم يكن عند أحد تأويل القرآن بكماله وتمامه إلاّ عند علي عليه السلام ، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه : أقضاكم علي أي هو قاضيكم وقال عمر بن الخطّاب : لو لا علي لهلك عمر ، يشهد له عمر ويجحده غيره».
فأطرق هشام طويلاً ثمّ رفع رأسه فقال : سل حاجتك.
فقال : خلّفت عيالي وأهلي مستوحسين لخروجي.
فقال : قد آنس الله وحستهم برجوعك إليهم ولا تقم ، سر من يومك ، فاعتنقه أبي ودعا له وفعلت أنا كفعل أبي ، ثمّ نهض ونهضت معه وخرجنا إلى بابه ، إذا ميدان ببابه وفي آخر الميدان اُناس قعود عدد كثير.
قال أبي : مَن هؤلاء؟
فقال الحجّاب : هؤلاء القسّيسون والرهبان وهذا عالم لهم يقعد إليهم في كلّ سنة يوماً واحداً يستفتونه فيفتيهم.
فلفّ أبي عند ذلك رأسه بفاضل ردائه وفعلت أنا مثل فعل أبي فأقبل
__________________
(١) سورة النحل : الآية ٨٩.
(٢) سورة يس : الآية ١٢.
(٣) سورة الأنعام الآية ٣٨.