.........................................
____________________________________
فقال لهم : فهبنا كما تقولون افتحوا لنا الباب وشارونا وبايعونا كما تشارون وتبايعون اليهود والنصارى والمجوس. فقالوا : أنتم شرّ من اليهود والنصارى والمجوس لأنّ هؤلاء يؤدّون الجزية وأنتم ما تؤدّون.
فقال لهم أبي : فافتحوا لنا الباب وأنزلونا وخذوا منّا الجزية كما تأخذون منهم.
فقالوا : لا نفتح ولا كرامة لكم حتّى تموتوا على ظهور دوابّكم جياعاً نياعاً أو تموت دوابّكم تحتكم ، فوعّظهم أبي فازدادوا عتوّاً ونشوزاً.
قال : فثنّى أبي رجله عن سرجه ثمّ قال لي : مكانك يا جعفر لا تبرح.
ثمّ صعد الجبل المطلّ على مدينة مدين وأهل مدين ينظرون إليه ما يصنع ، فلمّا صار في أعلاه استقبل بوجهه المدينة وجسده ، ثمّ وضع إصبعيه في اُذنيه ثمّ نادى بأعلا صوته : (وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا) إلى قوله : (بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (١).
نحن والله بقيّة الله في أرضه ، فأمر الله ريحاً سوداء مظلمة فهبّت واحتملت صوت أبي فطرحته في أسماع الرجال والصبيان والنساء ، فما بقي أحد من الرجال والنساء والصبيان إلاّ صعد السطوح ، وأبي مشرف عليهم ، وصعد فيمن صعد شيخ من أهل مدين كبير السنّ ، فنظر إلى أبي على الجبل ، فنادى بأعلا صوته :
اتّقوا الله يا أهل مدين فإنّه قد وقف الموقف الذي وقف فيه شعيب عليه السلام حين دعا على قومه ، فإن أنتم لم تفتحوا له الباب ولم تنزلوه جاءكم من الله العذاب
__________________
(١) سورة هود : الآية ٨٤ ـ ٨٦.