.........................................
____________________________________
وقد صنعوا المعروف ، وجادوا بكلّ خير ، وأحسنوا إلى كلّ ذي روح ، لا يريدون في قبال ذلك جزاءً ولا شكوراً ، فبارك الله لهم كثيراً وطهّرهم تطهيراً.
ويشهد بذلك تصفّح سيرتهم الغرّاء ، وحياتهم العلياء ، المليئة بالبذل السخيّ والعطاء الوافي ، لأنحاء الصدقات وأبرّ الخيرات.
فإنّه يظهر ذلك بوضوح في أحوال جميعهم رسول الله وأمير المؤمنين ، وفاطمة سيّدة نساء العالمين ، وأولادهم الأئمّة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين.
وقد اتّفق على هذا الفريقان ، واعترف بذلك المؤالف والمخالف.
قال المعتزلي في أمير المؤمنين عليه السلام :
وأمّا السخاء والجود فحالة فيه ظاهرة ، وكان يصوم ويطوي ويؤثر بزاده ، وفيه اُنزل : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا) (١).
وروى المفسّرون أنّه لم يكن يملك إلاّ أربعة دراهم ، فتصدّق بدرهم ليلاً وبدرهم نهاراً ، وبدرهم سرّاً وبدرهم علانية ، فاُنزل فيه : (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً) (٢).
وروي عنه أنّه كان يسقي بيده لنخل قوم من يهود المدينة ، حتّى مَجَلَت (٣) يده ، ويتصدّق بالاُجرة ، ويشدّ على بطنه حجراً.
وقال الشعبي وقد ذكره عليه السلام : كان أسخى الناس ، كان على الخُلُق الذي يحبّه الله : السخاء والجود ، ما قال : «لا» لسائل قطّ.
وقال عدوّه ومبغضه الذي يجتهد في وصمه وعيبه معاوية بن أبي سفيان لمِحْقَن
__________________
(١) سورة الإنسان : الآية ٨ ـ ٩.
(٢) سورة البقرة : الآية ٢٧٤.
(٣) مجلت يده : أي ثخن جلده وتعجّر وظهر فيه ما يشبه البثر من العمل بالأشياء الصلبة الخشنة.