.........................................
____________________________________
قال : «بالتسليم لله والرضا فيما ورد عليه من سرور أو سخط» (١).
ومقام الرضا هذا هو الداعي إلى محبوبية المخلوق عند ربّ العالمين ، بغاية الحبّ المتين كما تلاحظه في حديث حديقة الحكمة المنقول في السفينة جاء فيما أراده النبي موسى عليه السلام من الله تعالى :
أنّ موسى عليه السلام قال : «أرني أحبّ خلقك إليك وأكثرهم لك عبادة».
فأمره الله تعالى أن ينتهي إلى قرية على ساحل بحر ، وأخبره أنّه يجده في مكان قد سمّاه له ، فوصل عليه السلام إلى ذلك المكان فوقع على رجل مجذوم مقعد أبرص يسبّح الله تعالى ، فقال موصى : يا جبرئيل اين الرجل الذي سألت ربّي أن يُريني إيّاه؟
فقال : جبرئيل : هو يا كليم الله هذا.
فقال : يا جبرئيل إنّي كنت اُحبّ أن أراه صوّاماً قوّاماً.
فقال جبرئيل : هذا أحبّ إلى الله تعالى وأعبد له من الصوّام والقوّام ، وقد اُمرت بإذهاب كريمتيه فاسمع ما يقول ، فأشار جبرئيل إلى عينيه فسالتا على خدّيه ، فقال : متّعتني بهما حيث شئت ، وسلبتني إيّاهما حيث شئت ، وأبقيت لي فيك طول الأمل يا بارّ يا وصول.
فقال له موسى عليه السلام : يا عبد الله إنّي رجل مجاب الدعوة فإن أحببت أن أدعو لك تعالى يردّ عليك ما ذهب من جوارحك ويبريك من العلّة ، فعلت.
فقال (رحمة الله عليه) : لا اُريد شيئاً من ذلك ، اختياره لي أحبّ إليّ من اختياري لنفسي (وهذا هو الرضا المحض كما ترى).
فقال له موسى : سمعتك تقول : يا بارّ يا وصول ، ما هذا البرّ والصلة الواصلان إليك من ربّك؟
__________________
(١) الكافي : ج ٢ ص ٦٠ باب الرضا بالقضاء الأحاديث ٦ و ١١ و ١٢.