.........................................
____________________________________
وفي الخطبة الفاطمية المباركة : «وكنتم على شفا حفرةٍ من النار ، مُذقةَ الشارب ، ونُهزةَ الطامع ، وقُبسةَ العجلان ، وموطىءَ الأقدام ، تشربون الطَرَق ، وتقتاتون القدّ [والورق] ، أذلّةً خاسئين ، تخافون أن يتخطّفكم الناس من حولكم ، فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمّد صلى الله عليه وآله بعد اللّتيا والتي» (١).
ممّا تعلم من ذلك أنّه صلوات الله عليه وآله كان رحمة للدين والدنيا معاً.
بل كان رحمة للمؤمن والكافر كليهما في دنياهما.
حيث إنّ بيمنهم رُزق الوري كلّهم ، وبوجودهم ثبتت الأرض والسماء فانتفع بهما جميعهم ، وبواسطتهم عمّت النعم لأصناف الخلق عمومهم.
هذا مضافاً إلى أنّ نفس تعريض الكافر للإيمان واثواب الدائم ترحّم عليه ورحمة له ، وهو نعمة عليه وإن لم يهتد بهدايته ، نظير من قدّم طعاماً إلى جائع فلم يأكل الجائع من ذلك ، فإنّ المقدِّم منعم عليه وإن لم يقبل (٢).
قال شيخ الطائفة قدس سره : (وفي الآية دلالة على بطلان قول المجبّرة في أنّه ليس لله على الكافرين نعمة ، لأنّه تعالى بيّن أنّ إرسال الله رسوله نعمة للعالمين وعلى كلّ من اُرسل إليهم ، ووجه النعمة على الكافر أنّه عرّضه للإيمان ولطف له في ترك معاصيه) (٣).
وعلى الجملة أهل البيت كسيّدهم الرسول الأعظم (صلوات الله عليهم) رحمة الله المتصّلة والموصولة إلى خلقه وخليقته ، تلك الرحمة الإلهية التي وسعت كلّ شيء ، ولم تضِق بشيء كما تلاحظه في أحاديثه المجموعة (٤).
ويكفيك في سعة الرحمة الإلهية حديث الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالى :
__________________
(١) الإحتجاج : ج ١ ص ١٣٥.
(٢) مقتنيات الدرر : ج ٧ ص ٢٠٥.
(٣) التبيان : ج ٧ ص ٢٨٥.
(٤) سفينة البحار : ج ٣ ص ٣٣٣.