فعل مكروهاً. ولو حفر في ملكه بئر بالوعة وفسد بئر الجار لم يمنع منه ، ولا ضمان عليه ، ومثله ما لو أعدّ داره المحفوف بالمساكن حمّاماً أو خاناً أو طاحونة أو حانوت حدّاد وقصّار ؛ لأنّ له التصرف في ملكه كيف شاء.
صرّح بجميع ذلك في السرائر والدروس والمسالك (١) ، ونسبه في الكفاية إلى الأصحاب كافّةً مؤذنا بدعوى الإجماع عليه ، ونحوه الحلي حيث نفى الخلاف فيه. ولكن قال في الكفاية : ويشكل هذا الحكم في صورة تضرّر الجار تضرّراً فاحشاً نظراً إلى تضمّن الأخبار المذكورة نفي الضرر والإضرار ، وهو الحديث المعمول به بين الخاصّة والعامّة ، المستفيض بينهم ، خصوصاً ما تضمّن الأخبار المذكورة من نفي الإضرار الواقع في ملك المضارّ (٢).
وفيه نظر ، فإنّ حديث نفي الضرر المستفيض معارض بمثله من الحديث الدالّ على ثبوت السلطنة على الإطلاق لربّ الأموال. وهو أيضاً معمول به بين الفريقين. والتعارض بينهما تعارض العموم والخصوص من وجه ، والترجيح للثاني بالأصل وعمل الأصحاب كما اعترف به ، ولا سيّما إذا استلزم منع المالك عن التصرّف ضرراً عليه أشدّ من ضرر الجار ، أو مساوياً ، أو أقلّ بحيث لم يتفاحش معه ضرره. وينبغي القطع في هذه الصور بما عليه الأصحاب. وأمّا فيما عداها فالظاهر ذلك أيضاً ؛ لما ذكر ، وإن كان الأحوط عدم الإضرار على الإطلاق.
وأمّا الأخبار الدالّة على نفي الإضرار في ملك المضارّ ف مع قصور سند بعضها ، وعدم مكافأته لما مضى يمكن حملها على ما إذا قصد
__________________
(١) السرائر ٢ : ٣٨٢ ، الدروس ٣ : ٦٠ ، المسالك ٢ : ٢٩٠.
(٢) الكفاية : ٢٤١.