ثم إنّ محلّ الخلاف على ما يستفاد من كلمات الأصحاب وتعليلاتهم في الباب ، وبه صرّح جمع كالشيخ في المبسوط (١) ، والفاضل في جملة من كتبه (٢) ، على ما حكي عنهما ، والشهيدان وغيرهما (٣) ما قيّدنا به العبارة من كون اللقيط محكوماً بإسلامه ، دون ما إذا كان محكوماً بكفره ، فللكافر التقاطه بلا خلاف.
وربما يستفاد من التنقيح انسحاب الخلاف فيه أيضاً ، فإنّه قال بعد نقل القولين ـ : والتحقيق أنّه إن حكم بإسلام اللقيط اشترط إسلام الملتقط ، وإلاّ فلا (٤). وهو كما ترى ؛ لما مضى.
وأضعف منه ما ينقل من بعض المتأخّرين من المنع عن التقاط الكافر لمثله (٥) ، فقد نفى الخلاف عن جوازه صريحاً جماعة ، ومنهم : شيخنا في المسالك والروضة في بحث عدم اشتراط العدالة (٦) ؛ وهو الحجّة ، مضافاً إلى الآية الكريمة ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ) (٧).
وما ربما يتخيّل للمنع من ورود النصّ بأنّ « كلّ مولود يولد على الفطرة » (٨) ففي التقاط الكافر له افتتان له ولو في الجملة ؛ مدفوع بأنّه لو
__________________
(١) المبسوط ٣ : ٣٤٠.
(٢) القواعد ١ : ١٩٥ ، التحرير ٢ : ١٢٣ ، التذكرة ٢ : ٢٧٠.
(٣) الدروس ٣ : ٧٥ ، المسالك ٢ : ٢٩٧ ، الروضة ٧ : ٧٢ ، مجمع الفائدة والبرهان ١٠ : ٣٩٩.
(٤) التنقيح ٤ : ١٠٦.
(٥) حكاه عن المحقق الثاني في مجمع الفائدة والبرهان ١٠ : ٣٩٩ ، وانظر جامع المقاصد ٦ : ١٠٢.
(٦) المسالك ٢ : ٢٩٧ ، الروضة ٧ : ٧٢.
(٧) الأنفال : ٧٣.
(٨) الفقيه ٢ : ٢٦ / ٩٦ ، علل الشرائع : ٣٧٦ / ٢ ، الوسائل ١٥ : ١٢٥ أبواب جهاد العدو ب ٤٨ ح ٣.