فـ ـ مع أنّه شاذّ ، مخالف للإجماع قضيّة في واقعة ، يحتمل الاختصاص بها ، وغيره ، مع توجيهات فيه بها لا ينافي الأخبار الأوّلة ، ذكر بعضها الشيخ في الكتابين (١) وغيره ، مع أنّه غير مكافئ لها.
واعلم أنّه ذكر شيخنا في المسالك وبعض من تبعه أنّه ليس فيها ما يدلّ على قبول توبتها مطلقاً ، والأوّل منها وإن كان ظاهره ذلك إلاّ أنّه تضمّن حكم الرجل بذلك أيضاً ، وحمله على الملّي يرد مثله فيها ، فحمل الدالّ على تخليد حبسها دائماً من غير تفصيل على الفطري وعدم قبول توبتها كالرجل ممكن ، وفي التحرير إشعار بالخلاف في ذلك ، وهو مناسب للأخبار (٢).
أقول : وأظهر من عبارة التحرير عبارة المهذّب (٣) المحكيّة في بعض الحواشي المعتبرة ، وفيها بعد الحكم بأنّ حكم المرتدّة مطلقاً حكم المرتدّ عن غير فطرة ـ : وذهب بعضهم إلى أنّها تحبس دائماً مع التوبة إن كانت عن فطرة.
ولكنّه لم يظهر منها ولا من العبارة الأُولى كون المخالف منّا ، فلعلّه من العامّة العمياء ، أو من لم يعتدّ به أصلاً ، وربما يشير إلى هذا ما حكي عن المهذب أيضاً في ذيل تلك العبارة في ردّه ، قال : وهو وهم ، لم يقل به أحد ، ولا يدل عليه دليل ، بل الأخبار تدل على خلافه (٤). انتهى.
وما أبعد ما بين ما ذكره من دلالة الأخبار على خلافه وما ذكره شيخنا
__________________
(١) التهذيب ١٠ : ١٤٣ ، ١٤٤ ، الاستبصار ٤ : ٢٥٦.
(٢) المسالك ٢ : ٤٥١ ، وتبعه الفيض الكاشاني في المفاتيح ٢ : ١٠٥ ، وهو في التحرير ٢ : ٢٣٥.
(٣) المهذّب البارع ٤ : ٣٤٤.
(٤) المهذّب البارع ٤ : ٣٤٤.