وبه يذبّ عمّا اعترضه به أيضاً من منافاة الحرمان هنا لعموم الصحيحة السابقة في إبطال العَصَبَة ؛ لارتفاع المنافاة بتخصيص عمومها بما إذا لم يكن ثمّة كلالة حاجبة.
وبالجملة لا شبهة في المسألة ، كما لا شبهة عند الأكثر في كون الردّ أرباعاً ؛ لما مضى قريباً من أنّ ذلك قضيّة الردّ على نسبة السهام ، مع كونه الآن مشهوراً بين أصحابنا ، بحيث لا يكاد يتحقق فيه مخالف منهم ، ولم ينقل إلاّ عن معين الدين المصري (١) ، حيث ذهب إلى قسمة الردّ أخماساً هنا أيضاً ، للأب منها سهمان ، سهم الامّ وسهمه ؛ لأنّ الإخوة يحجبون الامّ عن الزائد لمكان الأب ، فيكون الزائد له (٢).
ولعلّه نظر إلى مفهوم ما تقدّم من التعليل الوارد في الأخبار لحجب الامّ عن الثلث.
وهو غير بعيد ؛ لاعتبار أسانيدها بالصحة في بعض ، والقرب منها في آخر ، مع حجية مفهوم التعليل ، وأنّه يتعدّى به حيثما كانت العلّة موجودة ، إلاّ أنّ إطباق الفتاوى واتفاقها على كون الردّ أرباعاً بحيث كاد أن يعدّ إجماعاً أوجب وهنه.
مع إمكان أن يقال : إنّ التعليل إنّما هو لحجب الامّ عن الزائد عن
__________________
(١) هو الشيخ الجليل معين الدين أبو الحسن سالم بن بدران بن علي بن سالم المازني المصري ، من مشاهير علماء الإمامية وأجلاّء فقهائهم ، أخذ الفقه عن محمّد بن إدريس الحلّي ، وروى عن السيّد أبي المكارم ابن زهرة ، وأخذ عنه الخواجة نصير الدين الطوسي ، من مؤلّفاته : التحرير ، الأنوار المضيئة ، رسالة النيات ، الاعتكافية. لم نظفر بتاريخ وفاته ، إلاّ أنّه كان حيّاً سنة ٦٢٩ ومات قبل ٦٧٢. أمل الآمل ٢ : ٣٢٤ / ٩٩٩ ، رياض العلماء ٢ : ٤٠٨ ، أعيان الشيعة ٧ : ١٧٢ ، طبقات أعلام الشيعة ٣ : ٧١ ، الكنى والألقاب ٣ : ١٦٣ ، معجم المؤلّفين ٤ : ٢٠٢.
(٢) حكاه عنه في المختلف : ٧٥٣.