وهو حسن ، وفاقاً لجماعة من المتأخّرين كما في المسالك والكفاية (١) واختاراه أيضاً ، لا لما ذكر من أنّ عدم الغصب لا يلزم منه عدم الضمان لاحتماله بسبب آخر ؛ لنفيه بالأصل المتقدّم ، ولذا سُلّم عدم الضمان في صورة عدم سببيّة المانع للتلف.
بل لأنّ نفي احتمال سببيّة سبب آخر في الضمان بالأصل ، إنّما يتوجّه حيث لا يمكن إثباته بدليل آخر أقوى منه وأخصّ ، وهو في صورة سببيّة المانع وضعف المباشر ممكن ؛ لعموم : « لا ضرر ولا إضرار في الدين » (٢) بناءً على صدق الإضرار بمنع المانع في هذه الصورة عرفاً ، فيتوجّه ضمانه حينئذٍ جدّاً.
ومن هنا يتوجّه الحكم بضمان نقص القيمة السوقية للمتاع إذا حصل بمنع المالك عن بيعه ولو مع بقاء العين وصفاتها.
وذكر القائل المتقدّم هنا أنّه لم يضمن قطعاً ؛ لأنّ الفائت ليس بمال ، بل اكتسابه (٣).
وهو كما ترى ؛ لاتّحاد وجه الحكم بالضمان هنا وفيما مضى ، وهو صدق الإضرار المنفيّ شرعاً ، وليس فيه ما يقتضي تخصيص الضرر المنفيّ بما يكون متعلّقه مالاً ، ولعلّه لذا قوّى الشهيد رحمهالله في بعض فتاويه الضمان في الجميع (٤) ، وإنّ قوّى في الدروس عدم الضمان مطلقاً (٥) ، وفاقاً
__________________
(١) المسالك ٢ : ٢٥٤ ، الكفاية : ٢٥٥.
(٢) انظر الوسائل ٢٥ : ٤٢٧ أبواب إحياء الموات ب ١٢.
(٣) الروضة البهية ٧ : ٢١.
(٤) حكاه عنه في المسالك ٢ : ٢٥٤.
(٥) الدروس ٣ : ١٠٥ ، ١٠٦.