وقال أبو سعيد : يقدّم الإثبات ، لأنّ الله تعالى قدّمه في اللعان على النفي ، فقال في اليمين ( وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ ) (١) ولأنّه المقصود من الحالف (٢).
وليس بصحيح ، لأنّ الأصل في الأيمان إنّما هو النفي ، وأمّا الإثبات فإنّما يكون فيها بالنكول أو تبعا للنفي ، فيجب أن يقدّم النفي ، وكلّ أيمان اللعان إثبات ، وليس فيها نفي. وقوله ( إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ ) إثبات للصدق ، مثل قوله ( إِنَّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ ) (٣).
وهل الخلاف في الاستحباب أو الاستحقاق؟ الأظهر عندهم : الأوّل (٤).
ونقل الجويني الثاني (٥).
فإذا قلنا : يحلف أوّلا على مجرّد النفي ، فلو أضاف إليه الإثبات ، كان لغوا.
وإذا حلف من وقعت البداءة به على النفي ، عرضت اليمين على الثاني ، فإن نكل ، حلف الأوّل على الإثبات ، وقضي له.
وإن نكل عن الإثبات ، لم يقض له ، لاحتمال صدقه فيما يدّعيه (٦) صاحبه وكذبه فيما يدّعيه.
وقال بعض الشافعيّة : إنّه كما لو تحالفا ، لأنّ نكول المردود عليه عن
__________________
(١) النور : ٧.
(٢) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٠٠ ، الوسيط ٣ : ٢١٠ ، حلية العلماء ٤ : ٣٢٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٨٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٣٥.
(٣) النور : ٦.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٨٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٣٥.
(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٨٣ ، وانظر : روضة الطالبين ٣ : ٢٣٥.
(٦) في العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٨٣ : « في نفي ما يدّعيه ».