التحالف أم يجزم بالارتفاع باطنا أيضا؟ اختلفوا فيه (١).
وإذا قلنا بالارتفاع باطنا ، ترادّا ، وتصرّف كلّ منهما فيما عاد إليه. وإن منعناه ، لم يجز لهما التصرّف ، لكن لو كان البائع صادقا ، فهو ظافر بمال من ظلمه لما استردّ المبيع ، فله بيعه بالحاكم في أحد الوجهين ، أو بنفسه في أصحّهما عندهم (٢) ، واستيفاء حقّه من ثمنه.
إذا تقرّر هذا ، فكلّ موضع قلنا : إنّ الفسخ يقع ظاهرا وباطنا ، فإنّ للبائع التصرّف في المبيع بجميع أنواع التصرّف حتى بالوطي. وإن قلنا : يقع ظاهرا دون الباطن ، فإن كان البائع ظالما ، لم يجز له التصرّف في المبيع بوجه ، ووجب عليه ردّه على المشتري بالثمن المسمّى ، لأنّه لا يجوز له أن يستبيح ملك غيره بظلمه. وإن كان المشتري ظالما ، فإنّ البائع قد حصل في يده ملك المشتري ، وله عليه الثمن ، وهو من غير جنسه ، فله أن يبيع جميعه أو مقدار حقّه.
وهل يبيعه بنفسه أو يتولاّه الحاكم؟ وجهان (٣) :
أحدهما : أنّه يرفعه إلى الحاكم ليبيعه ، لأنّ الولاية للحاكم على صاحبه دون هذا البائع.
والثاني : يبيعه بنفسه ـ وهو منصوص الشافعي ـ لأنّه يتعذّر عليه رفعه إلى الحاكم وإثبات حقّه عنده ، فجوّز ذلك للضرورة ، كما جوّز إمساك ملك المشتري للحاجة.
وعندنا إن تمكّن من الحاكم ، وجب ، وإلاّ تولاّه بنفسه ، فإذا باعه فإن
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٨٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٣٧.
(٢) حلية العلماء ٤ : ٣٢٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٨٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٣٧.
(٣) حلية العلماء ٤ : ٣٢٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٨٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٣٧.