كلّ منهما عن صاحبه من غير تضرّر ، أو كان مع البئر أرض تسلم البئر لأحدهما ، أو كان في الرحى أربعة أحجار دائرة يمكن أن ينفرد كلّ منهما بحجرين ، أو كان الطريق واسعا لا تبطل منفعته بالقسمة ، أو كان الحمّام كثير البيوت يمكن جعله حمّامين ، أو متّسع البيوت يمكن جعل كلّ بيت بيتين ، أو كانت البئر واسعة يمكن أن يبنى فيها فتجعل بئرين لكلّ واحدة بياض يقف فيه المستقي ويلقي فيه ما يخرج منها ، تثبت الشفعة في ذلك كلّه.
ولو كان بين اثنين دار ضيّقة لأحدهما عشرها ، فإن قلنا بثبوت الشفعة فيما لا يقسم ، فأيّهما باع نصيبه فلصاحبه الشفعة. وإن حكمنا بمنعها ، فإن باع صاحب العشر نصيبه ، لم تثبت لصاحبه الشفعة ، لأنّه آمن من أن يطلب مشتريه القسمة ، لانتفاء فائدته فيها ، ولو طلب لم يجب إليه ، لأنّه متعنّت مضيّع لماله ، وإذا كان كذلك ، فلا يلحقه ضرر القسمة.
فإن باع الآخر ، ففي ثبوت الشفعة لصاحب العشر وجهان بناء على أنّ صاحب الأزيد هل يجاب إذا طلب القسمة ، لأنّه منتفع بالقسمة؟ والظاهر عند الشافعي أنّه يجاب (١). ونحن نقول بخلافه.
ولو كان حول البئر بياض وأمكنت القسمة بأن تجعل البئر لواحد والبياض لآخر ، أو كان موضع الحجر والرحى واحدا وله بيت ينتفع به وأمكنت القسمة بأن يجعل موضع الحجر لواحد والبيت لآخر ، تثبت الشفعة ـ وهو أحد قولي الشافعي (٢) ـ وهو مبنيّ على أنّه لا يشترط فيما يصير لكلّ واحد منهما أن يمكن الانتفاع به من الوجه الذي كان ينتفع به قبل القسمة.
ولو كان لاثنين مزرعة يمكن قسمتها وبئر يستقى منها باع أحدهما
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٨٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٥٨.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٤٨٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٥٨.