لأنّا نقول : الجوار وإن لم يكن يكتفى به في الابتداء إلاّ أنّه اكتفي به في الدوام عند حصول الشركة في الابتداء ، ولم يخرّج على الخلاف في بطلان الشفعة فيما إذا باع نصيبه جاهلا بالشفعة ، لأنّ الجوار على حال ضرب اتّصال قد يؤدّي إلى التأذّي (١) بضيق المرافق وسوء الجوار ، ولذلك اختلف العلماء في ثبوت الشفعة به.
إذا عرفت هذا ، فلا فرق بين تصرّف المشتري والمستعير إذا بنى في أرض المعير أو غرس. ولو كان قد زرع ، ترك زرعه إلى أن يدرك ويحصد.
وهل للشفيع أن يطالبه بأجرة بقاء الزرع؟ الأقوى : العدم ، بخلاف المستعير ، فإنّه زرع أرض الغير وقد رجع في العارية ، فكان عليه الأجرة ، أمّا المشتري فإنّه زرع ملك نفسه واستوفى منفعته بالزراعة ، وهو أحد وجهي الشافعيّة. وفي الثاني : له المطالبة ، كما أنّ المعير يبقي بالأجرة (٢). وقد بيّنّا الفرق.
وكذا لو باع أرضا مزروعة ، لا يطالبه المشتري بالأجرة لمدّة بقاء الزرع.
وللشافعيّة في الصور الثلاث ـ صورة بيع الأرض المزروعة ، وصورة العارية ، وصورة الشفعة ـ وجهان في وجوب الأجرة ، لكنّ الظاهر عندهم في صورة العارية وجوب الأجرة ، وفي الصورتين الأخريين المنع ، للمعنى الجامع لهما ، وهو أنّه استوفى منفعة ملكه (٣).
وأمّا إذا زرع بعد المقاسمة ، فإنّ الشفيع يأخذ بالشفعة ، ويبقى زرع المشتري إلى أوان الحصاد ، لأنّ ضرره لا يبقى ، والأجرة عليه ، لأنّه زرعه
__________________
(١) في « س » والطبعة الحجريّة : « على حال ضرر إيصال قد يتأدّى إلى التأذّي ». وفي « ي » : « على حال ضرر أيضا .. ». والظاهر ما أثبتناه.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٧.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٠.