وقال الشافعي : يجري التحالف في كلّ عقود المعاوضات ، ولا يختصّ بالبيع ، كالسّلم والإجارة والمساقاة والقراض والجعالة والصلح عن دم العمد والخلع والصداق والكتابة ، طردا للمعنى. ثمّ في البيع ونحوه ينفسخ العقد بعد التحالف أو يفسخ ويترادّان ، كما سيأتي. أمّا الصلح عن الدم فلا يعود الاستحقاق ، بل أثر التحالف الرجوع إلى الدية [ وكذلك لا يرتدّ ] (١) البضع ، ولكن في النكاح ترجع المرأة إلى مهر المثل ، وفي الخلع الزوج (٢) (٣).
قال الجويني : أيّ معنى للتحالف في القراض؟ مع أنّه جائز وكلّ واحد منهما بسبيل من فسخه بكلّ حال. وأيّد ذلك بأنّ بعض الشافعيّة منع من التحالف في البيع في زمن الخيار ، لإمكان الفسخ بسبب الخيار.
ثمّ أجاب بأنّ التحالف ما وضع للفسخ ، ولكن عرضت الأيمان رجاء أن ينكل الكاذب ، ويتقرّر العقد بيمين الصادق ، فإذا لم يتّفق ذلك وأصرّا ، فسخ العقد للضرورة.
والوجه : أنّ في القراض تفصيلا ، وهو : أنّ التحالف قبل الخوض في العمل لا معنى له ، وأمّا بعده فالنزاع يؤول إلى مقصود من ربح أو اجرة مثل ، فيتحالفان. والجعالة كالقراض (٤).
والأصل عندنا ما قدّمناه من الضابط ، وهو التحالف مع ادّعاء كلّ منهما
__________________
(١) بدل ما بين المعقوفين في « س » : « ولذلك لا يزيل ». وفي « ي » : « ولذلك يريد ».
وفي الطبعة الحجريّة : « وذلك لا يزيد ». والكلّ غلط ، والصحيح ما أثبتناه.
(٢) أي : وفي الخلع يرجع الزوج إلى مهر المثل.
(٣) الوسيط ٣ : ٢٠٧ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٥٠٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٧٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٣١ ـ ٢٣٢.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٧٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٣٢.