فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «سبوح قدوس رب الملائكة والروح ، تبارك وتعالى هو الحي الدائم القائم على كل نفس بما كسبت ، هات أيضا ما شككت فيه؟». قال : حسبي ما ذكرت ، يا أمير المؤمنين.
قال علي عليهالسلام : «سأنبئك بتأويل ما سألت عنه ، وما توفيقي إلا بالله ، عليه توكلت وإليه أنيب ، وعليه فليتوكل المتوكلون.
فأما قوله تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها)(١) ، وقوله عزوجل : (يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ)(٢) و (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا)(٣) و (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ)(٤) و (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي)(٥) فهو تبارك وتعالى أجل وأعظم من أن يتولى ذلك بنفسه ، وفعل رسله وملائكته فعله ، لأنهم بأمره يعملون ، فاصطفى جلّ ذكره من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه ، وهم الذين قال الله فيهم : (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ)(٦) ، فمن كان من أهل الطاعة ، تولت قبض روحه ملائكة الرحمة ، ومن كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة ، ولملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة والنقمة ، يصدرون عن أمره ، وفعلهم فعله ، وكل ما يأتون به منسوب إليه ، وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت ، ففعل ملك الموت فعل الله ، لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء ، ويعطي ويمنع ، ويثيب ويعاقب على يد من يشاء ، وإن فعل أمنائه فعله كما قال : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ)(٧).
وأما قوله : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ
__________________
(١) الزمر : ٤٢.
(٢) السجدة : ١١.
(٣) الأنعام : ٦١.
(٤) النحل : ٣٢.
(٥) النحل : ٢٨.
(٦) الحج : ٧٥.
(٧) الإنسان : ٣٠.