ذهنه ، وصح تمييزه ، وكذلك قوله تعالى : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ)(١) لأن الله سمّى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بهذا الاسم حيث قال : (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)(٢) ، لعلمه بأنهم يسقطون قوله : سلام على آل محمد ، كما أسقطوا غيره ، وما زال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يتألفهم ويقربهم ويجلسهم عن يمينه وشماله حتى أذن الله عزوجل في إبعادهم بقوله : (وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً)(٣) ، وبقوله : (فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ كَلَّا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ)(٤) ، وكذلك قول الله عزوجل : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ)(٥) ، ولم يسمهم بأسمائهم وأسماء آبائهم وأمهاتهم.
وأما قوله : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)(٦) ، فالمراد كل شيء هالك إلا دينه ، لأنّ من المحال أن يهلك منه كل شيء ويبقى الوجه ، هو أجل وأكرم وأعظم من ذلك ، وإنما يهلك من ليس منه ، ألا ترى أنه قال : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ)(٧)؟ ففصل بين خلقه ووجهه.
وأما ظهورك على تناكر قوله : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ)(٨) ، وليس يشبه القسط في اليتامى نكاح النساء ، ولا كل النساء أيتام ، فهو مما قدمت ذكره من إسقاط المنافقين من القرآن ، وبين القول في اليتامى وبين نكاح النساء من الخطاب والقصص أكثر من ثلث القرآن ، وهذا وما أبهه مما ظهرت حوادث المنافقين فيه لأهل النظر والتأمل ، ووجد المعطّلون وأهل الملل المخالفة للإسلام مساغا إلى القدح في القرآن ، ولو
__________________
(١) الصافات : ١٣٠.
(٢) يس : ١ ـ ٣.
(٣) المزمل : ١٠.
(٤) المعارج : ٣٦ ـ ٣٩.
(٥) الإسراء : ٧١.
(٦) القصص : ٨٨.
(٧) الرحمن : ٢٦ ، ٢٧.
(٨) النساء ؛ ٣.