ومحلّها القلب ، فان نطق بها مع عقد القلب صحّ ، وإلاّ فلا ، ولو نطق بغير ما قصده كان الاعتبار بالقصد.
______________________________________________________
من النية ، لأن بها يصير واقعا على الوجه المطلوب شرعا ، لأن المؤثر في وجوه الأفعال هو النيّة ، كما دل عليه قوله عليهالسلام : « إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى » (١).
أما طهارة الأخباث ـ أعني إزالة النجاسات ـ فان المطلوب ترك النجاسة ، والفعل الموصل إلى ذلك غير مقصود إلا بطريق العرض والتروك باعتبار كونها مرادة للشارع ، لا على وجه مخصوص بأي وجه تحققت حصل المطلوب شرعا ، فليس هناك وجوه متعددة لمتعلق التكليف يتوقف الامتثال على تعيين بعضها بالنية ، فمن ثم لم يحتج في التروك وفي الأفعال ـ التي المطلوب بها ترك شيء آخر ـ إلى النيّة ، بخلاف الأفعال التي تقع على وجوه متعددة بعضها غير مطلوب شرعا ، فإنه لا بد فيها من النيّة كما قدمناه.
وفي حكمها التروك التي ألحقت بالأفعال ، وأجريت مجراها في وقوعها عبادة على وجه مخصوص ـ وهو الصوم والإحرام ـ فيتحصل أن متعلق التكليف منحصر بالاستقراء في أربعة : فعل محض ، ترك محض ، فعل كالترك ، ترك كالفعل ، وقد علم حكمها في اعتبار النيّة ، وعدم اعتبارها.
واعلم أن قول المصنف : ( كالترك ) أراد به أنّ إزالة النجاسة لما كان المراد بها تركها أشبهت التروك باعتبار المعنى المراد منها.
قوله : ( ومحلها القلب ).
هذا معلوم بطريق اللزوم من قوله : ( ارادة ... ) ذكره للتصريح به ، وليبني عليه ما بعده ، وليعلم أن النطق لا تعلّق له بالنيّة أصلا.
قوله : ( فان نطق بها مع عقد القلب صح ، وإلاّ فلا ).
فيه تسامح ، لأن الذي يسبق الى الفهم من العبارة أن يكون المراد صح النطق ، والمراد معلوم ، بني الأمر فيه وفي أمثاله على المسامحة ، كأنه أراد صح فعل النيّة.
__________________
(١) صحيح البخاري ١ : ٢ ، وسنن أبي داود ٢ : ٢٦٢.