ولو علم ترك عضو أتى به وبما بعده ، فان جف البلل استأنف.
______________________________________________________
وفصّل المتأخرون في ذلك (١) ، فقالوا : ينظر ، فان لم يعلم حاله قبل زمانهما وجبت الطهارة ـ كما ذكروه ـ ، وإن علم حاله قبلهما ، بأنه كان متطهرا ، أو محدثا لم يتجه الحكم بالطهارة على كل حال.
ثم اختلفوا ، فقال المحقق ابن سعيد : يأخذ بضد ما كان قبلهما من حدث وطهارة (٢) ، لأنه إن كان محدثا ، فقد تيقن رفع ذلك الحدث بالطهارة المتيقنة مع الحدث الآخر ، لأنها إن كانت بعد الحدثين ، أو بينهما فقد ارتفع الأول بها ، وانتقاضها بالحدث الآخر غير معلوم ، للشك في تأخره عنها ، ففي الحقيقة هو متيقن للطهارة ، شاك في الحدث.
وإن كان متطهرا ، فقد تيقن أنه نقض تلك الطهارة بالحدث المتيقن مع الطهارة ، لأنه إن كان بعد الطهارتين ، أو بينهما فقد نقض الأولى على كل تقدير ، ورفعه بالطهارة الأخرى غير معلوم ، للشك في تأخرها عنه ، فهو متيقن للحدث ، شاك في الطهارة.
وقال المصنف : إنه يأخذ بمثل ما كان قبلهما ، واحتج في المختلف (٣) على أنه الآن متطهر إذ علم قبلهما أنه كان متطهرا ، بأنه تيقن أنه نقض تلك الطهارة ، ثم توضأ ، ولا يمكن أن يتوضأ عن حدث مع بقاء تلك الطهارة ، ونقض الطهارة الثانية مشكوك فيه ، فلا يزول عن اليقين بالشك ، وعلى أنه الآن محدث ، إذا علم قبلهما أنه كان محدثا ، بأنه تيقن أنه انتقل عنه إلى الطهارة ، ثم نقضها ، والطهارة بعد نقضها مشكوك فيها.
ويرد عليه أنه ان لم يعلم التعاقب ، جاز توالي الطهارتين في الأول ، فيكون الحدث بعدهما ، والحدثين في الثاني ، فتكون الطهارة بعدهما ، فلا يتم ما ذكره ، ولهذا قيد المسألة في غير المختلف بالتعاقب (٤) ، ولما كان فرض المسألة لا يأبى كون كل من الطهارة والحدث متعددا ، قيدهما بكونهما متحدين في العدد ، إذ لو زاد أحدهما على عدد
__________________
(١) منهم المحقق في المعتبر ١ : ١٧٠ ، ويحيى بن سعيد في الجامع للشرائع : ٣٧.
(٢) المعتبر ١ : ١٧١.
(٣) المختلف : ٢٧.
(٤) المنتهى ١ : ٧٢ ، التحرير ١ : ١٠.