المذاهب الأربعة.
وازدهرت مدرسة الكرك في القرنين العاشر والحادي عشر وبلغت درجة مرموقة من حيث عدد العلماء والطلاّب ، وأنواع العلوم التي تعطى وطرق التدريس ، فقصدها طلاّب المعرفة من مختلف الأقطار ، وخصوصا من جبل عامل ، أمثال الشهيد الثاني زين الدين الجبعي ، الذي رحل إلى كرك نوح طلبا للأخذ من مشايخها ، يرافقه الشيخ حسين بن عبد الصمد ـ والد البهاء ـ ومن العلماء الذين أمّوا الكرك وقرأوا على مشايخها علي بن هلال الجزائري (١).
ولد المحقّق الثاني في هذا البلد العريق في تشيّعه والشهير بكثرة علمائه ، فدرس في هذا الجو العابق بالولاء لآل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم والوفاء لعلومهم بنشرها ودراستها وإيصالها إلى الأخلاف يدا بيد.
فدرس الفقه على المذهب الشيعي في بلده على شيوخ العلم في زمانه كالشيخ علي بن هلال الجزائري.
وكان رحمهالله طموحا لا يشبع من العلم ، وضاق عن بلده الصغير فخرج طالبا لعلوم الفرق الإسلامية الأخرى فهاجر إلى مصر لدراسة فقه المذاهب الأربعة ، فأخذ هناك عن علمائها ، وحصّل الإجازات من شيوخها بالرواية.
ويسكت التأريخ عن أخبارنا بتفصيل أحوال الشيخ ودراسته في هذه الفترة ، إلاّ ما ذكره هو في إجازاته لطلاّبه.
منها ما قاله في إجازته للمولى برهان الدين أبي إسحاق إبراهيم بن زين الدين أبي الحسن علي الخانيساري الأصفهاني ، على ما رأيته بخطه الشريف على ظهر نسخة كشف الغمة لعليّ بن عيسى الإربلي التي قد قرأها المولى برهان الدين المذكور عليه بهذه العبارة :
__________________
(١) تاريخ كرك نوح ص ٨٥.