البصرويّ وأجازني روايته ورواية جميع مرويّاته ، وكذا سمعت عليه معظم مسند الفقيه الرئيس الأعظم محمد بن إدريس الشافعي المطلبي.
وأمّا موطإ الامام العالم مالك بن أنس نزيل دار الهجرة المقدّسة فإنّي أرويه بعدّة طرق عن أشياخ علماء الخاصّة والعامّة ، وكذا مسند الإمام المحدّث الجليل أحمد بن حنبل ومسند أبي يعلى وسنن البيهقي والدار قطني وغير ذلك من التصانيف الكثيرة الشهيرة وقد اشتمل عليها مواضع ومظان هي معادنها ، فليرجع إليها عند الحاجة » انتهى ما أردنا نقله منها من موضع الحاجة (١).
وقد قصد الشيخ بلاد العراق حوالي سنة ٩٠٩ ه ، فوصل إلى النجف الأشرف عاصمة علوم آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وحاضرة الفقه الشيعي ومعدن علماء المذهب.
وفي هذا البلد المبارك أخذ الشيخ ينهل من ينابيع كبار العلماء ، حتّى صار نادرة زمانه ، ووحيد أوانه ، وطار صيته في الآفاق.
ظهور الدولة الصفوية وهجرة الشيخ إلى إيران
ظهرت الدولة الصفوية بعد فترة طويلة من اضطهاد الشيعة ، وتلاعب الدول التي تعتنق المذاهب الإسلامية الأخرى بمقدراتهم واضطهادها لهم ، ومطاردة علمائهم وحرق كتبهم ... ممّا لا نرغب في بحثه ، والتاريخ مملوء من مساوئها التي ساهمت في تأخّر المسلمين عموما ، وطمع الأجانب في بلادهم.
وقد احتاجت الدولة الصفوية في أوّل أمرها إلى فقهاء يعلّمون النّاس أمور دينهم ، ويتولّون منصب القضاء لإدارة شؤون النّاس ، ولتكوين الغطاء الشرعي الذي يكون بديلا للخلافة التي تركن إليها الدولة العثمانية ، فاستفادوا من المجتهدين الذين هم في المذهب الشيعي نوّاب للإمام عليهالسلام.
__________________
(١) رياض العلماء ٣ : ٤٤٨.